توقيت القاهرة المحلي 03:00:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل الحكومة الجديدة غير دستورية؟

  مصر اليوم -

هل الحكومة الجديدة غير دستورية

بقلم : محمد سلماوى

لست أعرف كيف ستلبى الحكومة الجديدة توجيهات الرئيس الخاصة بالاهتمام بالثقافة والصحة والتعليم والحفاظ على الهوية وهى قد خفضت ميزانية الوزارة المكلفة بالثقافة والحفاظ على الهوية عما كانت عليه بدلا من أن تزيدها، ولا يبدو أنها التزمت بالنسبة التى نص عليها الدستور للإنفاق على الصحة والتعليم؟!

لقد أكد الرئيس فى خطاب حلف اليمين أن الإنسان هو كنز أمتنا الحقيقى وأن بناءه سيكون على رأس الأولويات فى فترة الرئاسة الثانية، وأوضح الرئيس أن تطوير ملفات التعليم والصحة والثقافة سيكون فى مقدمة اهتمامات الحكومة فى المرحلة المقبلة،

ولقد تصورت أن تلك ستكون المناسبة لتنفيذ المادة (48) من الباب المعنون بالمقومات الثقافية فى الدستور، والتى تنص على أن الثقافة حق لكل مواطن على الدولة أن تكفله دون تمييز بسبب القدرة المالية أو البعد الجغرافى أو أي أسباب أخرى، مما تعنى أن الدولة عليها أن تدعم المنتج الثقافى بمختلف أشكاله حتى تضمن وصوله الى المواطنين جميعا، بحيث لا يقف سعر الكتاب مثلا حائلا دون وصوله للقارئ غير المقتدر، وأن عليها أن توفر الخدمة الثقافية والفنية المعروضة فى القاهرة فى سائر المحافظات من سيناء الى الواحات، ومن رشيد الى الصعيد، تحقيقا للعدالة الثقافية المفتقدة، لكن ما أكده لى بعض نواب البرلمان من أن ميزانية مكتبة الأسرة على سبيل المثال، قد تم تخفيضها بشكل غير مسبوق، أزعجنى كثيرا، فهذا المشروع هو أحد الأدوات الفاعلة فى تحقيق تلك المادة الدستورية، عوضا عن كونه أحد أهم الأسلحة فى مواجهة وباء التطرف الدينى والإرهاب، ولو أن الثقافة والفنون المتاحة فى القاهرة كانت متاحة للموطنين فى سيناء ومرسى مطروح لما وجدت تلك البؤر الإرهابية التى نواجهها فى معركتنا الحالية ضد الإرهاب، وأن يأتى تقليص الميزانية هذا فى الوقت الذى يشير فيه الرئيس الى وضع الثقافة مع التعليم والصحة على قمة الأولويات فى المرحلة المقبلة، فذلك يمثل تناقضا على الحكومة تفسيره.

أما عن الصحة والتعليم فقد نصت المادة (18) من الدستور على أن لكل مواطن الحق فى الرعاية الصحية المتكاملة، ونصت على دعم الدولة للخدمات الصحية، ورفع كفاءتها، وعلى انتشارها الجغرافى العادل، وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للصحة لا تقل عن 3% من الناتج القومى الإجمالى تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية، فى الوقت الذى تنص المادة (19) على أن «التعليم حق لكل مواطن»، وأن هدفه هو «بناء الشخصية المصرية، والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمى فى التفكير، وتنمية المواهب، وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، أما النسبة التى نص عليها الدستور للإنفاق على التعليم فهى 4% على الأقل من الناتج القومى الإجمالى، تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية، كما تنص المادة (21) على ألا تقل نسبة الإنفاق على التعليم الجامعى عن 2% من الناتج القومى الإجمالى، تتصاعد هى الأخرى تدريجيا لتتفق مع المعدلات العالمية، بخلاف البحث العلمى الذى نص الدستور على ألا يقل الإنفاق عليه عن 1% من الناتج القومى الإجمالى، يتصاعد تدريجيا ليتفق مع المعدلات العالمية.

أى إن الحكومة ملتزمة بنص الدستور على ألا يقل إنفاقها على الصحة والتعليم بشتى أنواعه عن 10% من الناتج القومى الاجمالى، ونلاحظ هنا أننا نتحدث عن الناتج القومى وليس عن الدخل القومى، وما زلت أذكر أننى بمجرد أن أعلنت فى أحد المؤتمرات الصحفية التى كنت أعقدها يوميا فى أثناء عمل لجنة الخمسين المكلفة بوضع الدستور، لأحيط الصحافة علما بعمل اللجنة التى كنت المتحدث الرسمى باسمها، أن الدستور الجديد نص لأول مرة على ألا يقل الإنفاق الحكومى على الصحة والتعليم عن 10% من الناتج القومى الإجمالى، أن رئيس الوزراء آنذاك الدكتور حازم الببلاوى اتصل على الفور بالسيد/ عمرو موسى رئيس اللجنة يناشده إلغاء تلك النسبة لأنها نسبة معجزة على حد قوله، وأنها ستجعل كل حكومة تتشكل غير دستورية، وقد ناقش رئيس اللجنة الأمر فى الاجتماع التالى للجنة الخمسين فلم يوافق أحد من الأعضاء على إلغاء النسبة المذكورة والتى تعتبر أقل بكثير من المعدلات العالمية، وأذكر أننى قلت وقتها إن إلغاء هذا الحد الأدنى هو بمنزلة إلغاء أى إمكانية للارتقاء بالتعليم وبالرعاية الصحية.

والسؤال الذى يفرض نفسه الآن بمناسبة البرنامج الحكومى الذى علمت أن رأى أعضاء مجلس النواب يتجه لقبوله، هو: هل التزمت الحكومة بتلك النسبة الدستورية، أم أنها كسابقاتها جميعا ضربت بها عرض الحائط غير مدركة أنها بذلك قد أسقطت دستوريتها وصارت حكومة غير دستورية على حد قول رئيس الوزراء الأسبق، لأنها خالفت نصوص الدستور؟

ثم ماذا عن الميزانية الثقافية، وهنا لا أتحدث عن ميزانية وزارة الثقافة التى يدخل فيها تكاليف الإنشاءات ورواتب العاملين بالوزارة، والتى تبتلع النسبة الأكبر من تلك الميزانية، وإنما أقصد المبالغ التى تنفق بالفعل على النشاط الثقافى، ومنها مشروع مكتبة الأسرة الذى كانت تشارك فيه عدة وزارات وليس وزارة الثقافة وحدها، والتى تفرض علينا ظروف معركتنا الضارية ضد التطرف والإرهاب على زيادتها حتى وإن لم يضع الدستور حدا أدنى لها كما فعل مع الصحة والتعليم، لا أن نقلصها أو ننتقص منها.

إن على أعضاء مجلس النواب أن ينتبهوا الى تلك الاعتبارات قبل أن يعلنوا موافقتهم التلقائية على برنامج الحكومة الجديدة، وإلا فإنهم سيجيزون بذلك برنامجا حكوميا يتعارض مع ما أعلنه الرئيس، كما أنه مخالف لنصوص الدستور، وتلك خطيئة فى حق النواب أنفسهم قبل أن تكون خطيئة فى حق البرلمان العريق الذى يجلسون تحت قبته.

نقلاً عن الآهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل الحكومة الجديدة غير دستورية هل الحكومة الجديدة غير دستورية



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:30 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
  مصر اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 18:29 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

طلعت زكريا يفاجئ جمهوره بخبر انفصاله عن زوجته

GMT 12:07 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

كيفية تحضير كب كيك جوز الهند بالكريمة

GMT 09:10 2018 الأربعاء ,15 آب / أغسطس

"الهضبة" يشارك العالمي مارشميلو في عمل مجنون

GMT 10:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

النسخة العربية للعبة كابتن تسوباسا

GMT 14:08 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

أوستراليا تسجل أدنى درجة حرارة خلال 10 سنوات

GMT 01:41 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

تريزيجيه يدعم محمد صلاح بعد الإصابة

GMT 22:03 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

السبب العلمي وراء صوت "قرقعة الأصابع"

GMT 08:14 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

محلات flamme تعرض مجموعتها الجديدة لشتاء 2018

GMT 18:05 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

"مازدا" تطرح الطراز الجديد من " CX-3 -2017"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon