توقيت القاهرة المحلي 01:03:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

احتكار اللقاحات وإطالة أمد الجائحة

  مصر اليوم -

احتكار اللقاحات وإطالة أمد الجائحة

بقلم: د. جبريل العبيدي

أظهرت جائحة «كورونا» وجهاً آخر لبشاعة التفرقة العنصرية، واحتكار توزيع اللقاح ضمن منظومة الدول المصنعة، خصوصاً دول الاتحاد الأوروبي في عمومها، حيث ظهرت أصوات بل وقرارات تمنع خروج اللقاحات خارج دول الاتحاد قبل الاكتفاء الداخلي، وإتمام عملية التلقيح داخل الاتحاد، في مقابل ظهور أصوات قليلة ومبادرات محدودة تطالب بتعليق العمل باتفاقيات الملكية الفكرية المتعلقة بإنتاج اللقاح، وتطالب بتبادل التكنولوجيا المتعلقة بتصنيع اللقاح المضاد للفيروس الشرس، الذي لم يفرق في الإصابة بين شعوب العالم، وبالتالي يجب أن يكون حق العلاج ومقاومة الفيروس متاحاً للجميع، خصوصاً أن الفيروس عابر للقارات والحدود ولن تمنعه أي حواجز، وبالتالي بقاء دول وشعوب من دون تلقي اللقاحات سيكون بؤرَ وباءٍ ستعيد الجائحة إلى المربع الأول، وتفسد الجهود الضخمة التي بذلت، وبالتالي من الحكمة منع الاحتكار للقاح المضاد.
منظمة التجارة العالمية بذلت جهداً لمنع الاحتكار تحت شعار «الطريق الثالث» الذي تقترحه لمنع الاحتكار لإنتاج اللقاح، خصوصاً بعد تصريحات تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، التي جدد فيها الدعوة لمصنعي اللقاحات لتبادل المعرفة من خلال تبادل التكنولوجيا المتعلقة بـ«كورونا» (C - TAP)، وهي آلية لتبادل المعرفة والبيانات حول اللقاح.
احتكار لقاحات «كورونا» يعد انتهاكاً واضحاً لحقوق الإنسان، ولا بد من محاربته ومنعه، وطالب غيبريسوس بأن «الحصول العادل لكل دول العالم على لقاح فيروس كورونا المستجد هو في مصلحة كل بلد، واحتكار دول بعينها للقاح سيطيل من أمد الجائحة ولن يختصرها».
لا بد من إيجاد طريق ثالث لجعل اللقاح متاحاً إنتاجاً وتوزيعاً للجميع، ومنع الاحتكار، في ظل وجود دول غنية تشتري المزيد من اللقاحات، بكميات كبيرة وهائلة تزيد عن حاجة سكانها، مما يجعل الدول الفقيرة في خطر دائم ومستمر لعجزها مالياً ولوجيستياً عن الحصول على اللقاح، في ظل ضعف برنامج «كوفاكس» (COVAX)، الذي يسعى لتوفير دفعات من اللقاح للدول الفقيرة بدعم من بعض الدول الغنية، ولكن البرنامج لا يزال متعثراً، نظراً لسياسات الاحتكار المتعمد من بعض الدول الكبرى التي تراهن على الربح المالي، من دون النظر لخطر بقاء دول بلا لقاح يمنع انتشار الفيروس، ضمن ما يعرف بمنعة الجموع (القطيع).
حرب اللقاحات لا تزال تعرقل الجهود العالمية للوصول إلى مناعة الجموع التي تعد الحاجز الوقائي الأمثل لمنع انتشار الفيروس، فالحروب بين روسيا والصين والاتحاد الأوروبي حول الاعتراف باللقاحات المنتجة في البلدان التي ليست بلدانهم ظاهرة للعيان، فالصين مثلاً أصدرت قرارات صارمة بأنها لن تسمح بمنح تأشيرات دخول إلا للذين تلقوا اللقاح الصيني، في ظل عدم اعتراف به في الاتحاد الأوروبي، وكذلك اللقاح الروسي، رغم ثبات فاعلية واضحة، مما يجعل الأمر مجرد مناكفات سياسية تدخلت في البرامج العلمية، ولعل صفقة سرية لشراء اللقاح الروسي التي أطاحت بالحكومة السلوفاكية، والتي كانت تتضمن حصول سلوفاكيا على مليوني جرعة من لقاح «سبوتنيك في» الروسي المضاد لـ«كورونا»، الذي لم تتم الموافقة عليه في الاتحاد الأوروبي، هي وجه آخر لحرب اللقاحات، في مقابل صمت أوروبي عن تقارير علمية تتهم لقاح «أسترازينيكا» بالتسبب في جلطات لعدد ممن تلقوا اللقاح، بل ظهرت توصيات أوروبية تخفف المخاوف من «أسترازينيكا»، في ظل عدم التعاطي مع اللقاحين الصيني والروسي؛ الأمر الذي يضر بالمصداقية العلمية، وأن المنع سياسي بحت.
استمرار احتكار إنتاج وتوزيع اللقاح ستكون نتائجه كارثية، مع وجود دول تلقى 100 مليون من مواطنيها اللقاح، مقابل دول أخرى لم يتلقَ أي فرد من مواطنيها جرعة واحدة يتيمة، ولا أمل لها قريباً في الحصول على اللقاح.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

احتكار اللقاحات وإطالة أمد الجائحة احتكار اللقاحات وإطالة أمد الجائحة



GMT 01:03 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

أهمية السودان

GMT 09:53 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

«فيتش» في وجهها «نظر»!!

GMT 09:51 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

هل تمانع أميركا عملية في رفح؟

GMT 02:23 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

خبز وكعك وإشاعة

الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:33 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

تن هاغ يثني على جماهير يونايتد بعد خسارة بالاس
  مصر اليوم - تن هاغ يثني على جماهير يونايتد بعد خسارة بالاس

GMT 16:37 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

زينة تضع شروطاً للبطولة الجماعية
  مصر اليوم - زينة تضع شروطاً للبطولة الجماعية

GMT 17:22 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

اتحاد الكرة يرفض دفع مستحقات فتح الله المتأخرة

GMT 06:38 2016 الجمعة ,26 شباط / فبراير

انجي المقدم تكشف أحداث دورها في مسلسل "سقوط حر"

GMT 09:27 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

تونس تسترد قطعا أثرية نقدية من النرويج

GMT 01:00 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

441 مليون دولار صادرات بترولية مصرية مطلع 2021

GMT 04:02 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon