توقيت القاهرة المحلي 20:51:00 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جرائم الآباء ضد أبنائهم و"شماعة" المرض النفسي

  مصر اليوم -

جرائم الآباء ضد أبنائهم وشماعة المرض النفسي

عادل عامر

قد يرى البعض في هذا العنوان شذوذًا عن ما جرت العادة عليه، وخروجًا عن المألوف. لكن من ينظر بعين العقل في ما آلت إليه الأمور والممارسات الإجرامية التي يمارسها بعض الآباء بحق أبنائهم دون أدنى رحمة أو إحساس بالمسؤولية سيرى أن الوضع تفاقم حتى كاد أن يصبح ظاهرة في مجتمع من المفترض أن يكون الإسلام رادعه الأول. لم يعد يمضي يوم دون أن تطالعنا الصحف أو نسمع بجريمة شنعاء ضد طفولة بريئة مرتكبها الأب أو الأم، هذان اللذان من المفترض أن يكونا الحصن المنيع الذي يحمي هؤلاء الأطفال. أب مجرم أقدم على طعن أطفاله بسكين لينتقم من والدتهم التي تركت المنزل ذاهبة إلى بيت أهلها، ثم يكون المبرر الذي أصبح كشماعة تعلق عليه جرائم هؤلاء الآباء المرض النفسي. ألم يكن مريضًا عندما تزوج وعاش ليالي طويلة يستمتع بحقه الزوجي؟ أم أن المرض لم يصبه إلا عندما رزق بأطفال وهجرته زوجته تاركة المنزل وفقد تلك المتعة التي نعم بها في ليالي مضت لينقلب بعدها وحشًا كاسرًا ينهش أطفالا أبرياء لا حول لهم ولا قوه؟ طبعًا ليست هذه الجريمة الأولى، فقد سبقتها جرائم عدة لم نرها إلا بعد أن يفقد الأطفال حياتهم على يد أب قاتل أو أم مهملة أو زوجة أب أعطت الأب اللعين مايحتاج في الفراش ليبيح لها قتل أبنائه كما تشاء، وكم من الأبناء الذين لا يزالون يعانون من التعذيب النفسي والجسدي دون أن يلتفت إليهم أحد ولا يجدون من ينصفهم إلا بعد أن يدفعون حياتهم ثمنًا. أين من يضمن لهم حقوقهم؟ ومن ينصف هؤلاء الأبناء من الآباء المجرمين؟ ثم نجد بعض هؤلاء الآباء المتنصلين من المسؤولية يشتكون عقوق أبنائهم لهم ويطالبون الأبناء ببرهم لأنهم هم من أتوا بهم إلى هذه الحياة دون أن يفهم هؤلاء أن الولادة وإنجاب الأطفال ليست بالأمر المعجز في حد ذاته، حتى الحيوانات تفعل ذلك بكل سهولة، بل وقد يكون تعامل هذه الحيوانات مع أبنائها أفضل كثيرًا من تعامل البشر. قبل أن يكون للآباء حقوق على أبنائهم هناك حقوق للأبناء على آبائهم، فهم ملزمون بحسن تربيتهم ورعايتهم والاهتمام بهم وتوفير سبل الحياة الكريمة لهم ثم بعد ذلك تأتي حقوقهم. والجميع يعرف قصة الأب الذي قدم إلى عمر بن الخطاب يشكو عقوق ابنه له، فأحضر عمر هذا الابن وسأله عما قال أبيه فقال: وما حقوقي عليه ؟ فقال عمر أن يختار لك أمّا صالحة ويسميك اسمًا حسنًا فقال الابن: فإن أبي قد أتى بي من امرأة مملوكة وسماني جعران وهو يشتمني بأمي فقال عمر للأب: قم فقد عققته قبل أن يعقك فليوقن مثل هؤلاء الآباء أن الجزاء من جنس العمل وما قدموه لأبناءهم سواء كان خيرًا أو شرًا سيرد إليهم ومن الواجب الآن أن يسن قانون لحماية الأطفال من جرم آبائهم، ومن لم يكن جديرًا بأبوة أطفاله يجب أن تلغى وصايته عنهم ويسلم هؤلاء الأطفال لمن يهتم بهم قبل أن يلقوا حتفهم على يد مجرمين متخفين تحت ستار الأبوة. هل الفقر والجوع دافع لقتل الآباء لأبنائهم. هل من السهل التخلي في لحظة عن فلذة أكبادنا. هل الشك دافع قوي يجعلنا نقتل أبناءنا، أو نحرقهم، أو نسممهم، وكيف نستطيع فعل ذلك، وكيف يكون شعور الإنسان وقتها؟ هل ينسي في لحظة أن هذا ابنه الذي تمناه من الدنيا، فرحة عمره التي ليس لها مثيل، هل من السهل عليه أن ينسي كلمة بابا أو ماما عندما نطق بها طفلة للمرة الأولى؟ والسؤال الأهم هل أحد من هؤلاء الآباء والأمهات فكر في يوم من الأيام أنه سيكون في هذا الموقف؟ وما الحالة التي من الممكن أن تنتاب الإنسان ليقدم علي مثل هذه الجرائم؟ كل هذه التساؤلات وغيرها تجول بخاطرنا عندما نقرأ كل يوم في الجرائد عن جرائم القتل التي يرتكبها الآباء أو الأمهات ضد أبنائهم. فجميع الآباء والأمهات يتشوقون لرؤية أبنائهم أحسن منهم ويفوقونهم في الحياة لذا فمن الطبيعي أن يعطوا أبناءهم خبرتهم في الحياة، والتي اكتسبوها من الصعاب التي مرت عليهم ولحظات النجاح التي عاشوها وغيرها, ومن حقهم أيضًا تأديب أبنائهم في حال الغلط لأنهم المسؤولون عن إخراجهم للمجتمع بسلوك سوي ونفسية سليمة, ولكن مع كل هذا ليس من حقهم أن يصبوا جام غضبهم على أبنائهم ويحملوهم مسؤولية كل ما يحدث في هذه الحياة ولا حتى أن يقوموهم بالعنف والذي أحيانًا يصل للقتل. تعددت الأسباب والموت واحد، ففي كل حادثة من هذه الحوادث يكون الدافع مختلفًا والضحية في النهاية الأبناء، وفي بعض الأحيان الأسرة بالكامل, وإليكم نماذج من هذه الأحداث التي حدثت مؤخرًا واقشعرت منها الأبدان. ففي أحدي الحوادث أشعل أب النار في زوجته وأولاده لعدم قدرته على تدبير مصاريف العيد لهم. وأخر يقتل طفلته البريئة التي لم يتعدى عمرها الستة أشهر ب 8 طعنات في رقبتها لبكائها المستمر. أما الثالث فيضع السم لأولاده في الطعام بسبب عدم قدرته علي الإنفاق عليهم. وهناك أب أقدم على ذبح زوجته وأولاده ولم يذكر السبب وبعد فترة قيل أنه مختل عقليًا. وآخر قتل طفلته الصغيرة البالغة من العمر 7 سنوات وقال لإخوتها إنه فعل ذلك لكي تدخل الجنة. ولا ننسى الجريمة التي وقعت منذ أيام وهزت الرأي العام بأكمله، والتي قام فيها مهندس كمبيوتر بقتل أبنائه وزوجته بسبب خسارته لأكثر من مليون جنيه في البورصة، فضربهم "بالبلطة"على رؤوسهم وهم نائمون، وعندما استيقظ ابنه وحاول مقاومته قام بتوجيه أكثر من ضربة إليه ثم قام بعد ذلك بتقطيع شرايين يده ورجله ولكنه لم يموت. ومهندس آخر هشم رأس ابنه بشومة ثم مزق جثته إلى 4 أجزاء بـ"بلطة" وذلك بسبب فشل ابنه في الدراسة ورسوبه. وأحدث هذه الجرائم كان لأب احتضن طفلته البالغة من العمر 3 سنوات وقفز بها من الطابق الرابع بسبب فشله في إنهاء خلافاته مع زوجته وإعادتها للمنزل، والذي تركته بعدما زادت خلافتهما على مصروف المنزل. وأب آخر بسبب حب ابنته لوالدتها قرر حرق جسدها بعدما زارت والدتها في منزل أهلها دون علمه. وليس الآباء فقط هم القتلة ولكن هناك أمهات أيضًا يتجردن من مشاعرهن ويقدمن على قتل أطفالهم، فهناك الأم التي خنقت طفلتها بمساعدة صديقها لأن بكاءها يمنعها من قضاء وقتها معه. وأم تساعد ابنها على قتل شقيقته وتقطيعها إلى أجزاء وذلك لشكها في سلوكها. وليس القتل فقط هو الخطأ الذي يرتكبه الآباء في حق الأبناء، ولكن تركهم أمام المساجد وفي صناديق القمامة وفي الشوارع يكاد يكون أبشع من القتل. فما رأي القضاء في مثل هذه الجرائم؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جرائم الآباء ضد أبنائهم وشماعة المرض النفسي جرائم الآباء ضد أبنائهم وشماعة المرض النفسي



GMT 11:15 2023 الجمعة ,01 أيلول / سبتمبر

عام دراسي يتيم في اليمن

GMT 11:37 2024 السبت ,02 آذار/ مارس

أطفالنا بين القيم والوحش الرقمي

GMT 21:34 2021 السبت ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

في متاهات التعليم

GMT 14:13 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

العنف ضد المرأة حاجزا فى سبيل المساواة والتنمية

GMT 06:33 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

مصر ونظام جديد للثانوية العامة

GMT 13:18 2018 السبت ,28 إبريل / نيسان

نداء إلى وزير التعليم قبل وقوع الكارثة

GMT 13:48 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

البرلمان.. يُمثل من؟!

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:59 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس
  مصر اليوم - أفضل أنواع الستائر الصيفية لإبعاد حرارة الشمس

GMT 13:37 2023 الجمعة ,03 آذار/ مارس

افتتاح مطعم وجبات خفيفة أثري في إيطاليا

GMT 08:36 2021 الخميس ,14 تشرين الأول / أكتوبر

خبير ديكور يوضح الفرق بين الحجر الطبيعي والحجر الصناعي

GMT 16:31 2021 الأربعاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

"AZZI & OSTA" تطلق تشكيلتها الجديدة

GMT 23:47 2021 الأربعاء ,18 آب / أغسطس

"Dior Baby" تكشف عن مجموعتها لموسم خريف شتاء 2021-2022

GMT 23:17 2017 الأحد ,10 كانون الأول / ديسمبر

​المصري يبحث التعاقد مع حارس مرمى في كانون الثاني

GMT 03:00 2020 الثلاثاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

فتاة توجه نصيحة للمصريين بعد إصابة 12 فردًا من أسرتها بكورونا

GMT 21:54 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

5 خطوات لاستخراج بدل فاقد لبطاقة التموين فى مصر إلكترونيا

GMT 22:12 2020 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

الأسهم الباكستانية تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 22:31 2020 الثلاثاء ,28 تموز / يوليو

أسعار الأسمنت في مصر اليوم الثلاثاء 28 يوليو
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon