ديوان "اسمح لليل بالدخول"

أصدرت الشاعرة المصرية زيزي شوشة ديوانها "اسمح لليل بالدخول" عن منشورات المتوسط بإيطاليا، حيث تواصل من خلاله الحفر في اللغة، والتأسيس لأبنية، تكشف أن لها صوتا خاصا، يجعلها مختلفة ومتمايزة عن أبناء جيلها، ممن يكتبون قصيدة النثر.

  ففي ديوانها الأول "غرباء علقوا بحذائي" الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، كانت زيزي شوشة تراوح بين نص الكتلة، والسطر الشعري، عبر قسمين، منحت الأول عنوان "قصائد الليل" والثاني "قصائد البيت". 

في ديوانها الثاني "اسمح لليل بالدخول" حافظت زيزي شوشة على تكثيف اللغة وتقطيرها كحالة أولى بدت تجلياتها في الديوان الأول، ومن ثم الثاني، كما أنها إلى حد ما تراجعت عن السردية التي غلبت على أكثر قصائد الديوان الأول، ففي "اسمح لليل بالدخول" تعمل على السطر الشعري، ومن ثم تخلت عن المشهدية والتقريرية، ما منح الصور الجزئية مساحة أكبر في فضاء النص: "أعرفهم جيدا/ لكنهم أبدا/ لم يروا وجهي بلا قناع".

أقرأ أيضاً :  حفل توقيع لكتاب "أخبار سارة" في مكتبة "ألف" الأحد

ضمن الملامح التي تميز عمل زيزي شوشة الصادر حديثا، أنها تصر على أن يكون الديوان وحدة واحدة، لا مجموعة قصائد، تكاد تكون متنافرة، شأن كثير من الدواوين التي نتابعها في اللحظة الراهنة، فهناك خيط دقيق يربط قصائد الديوان، ببعضها البعض، وهي تحاول في "اسمح لليل بالدخول" أن تتوصل إلى مفهوم معين للشعر، يطابق رؤيتها في الحياة، وعلاقتها المضطربة بالعالم، وفي كل الأحوال تظل القصيدة التي تبحث عنها هي المنقذ لها من أزماتها الوجودية: "أبحث عن قصيدة تشبه غربتي/ بصوتها الهارب/ وثوبها الشفاف/ أبحث عن قصيدة تشبهني/ وحين أقطفها/ تتساقط الدماء بغزارة".

 في سبيل الوصول إلى ما يمكن أن نطلق عليه "لؤلؤة المستحيل" تأخذ "زيزي شوشة" مناحي متعددة في التجريب والكتابة، وفي اللحظة التي تظن فيها أنها توصلت إلى ما تريد، تكتشف أن المسافة تتسع بينها وبين تلك القصيدة المستحيلة، حتى إنها تفتح وعيها على كل النوافذ ،وتصغي جيدا إلى كل ما يدور حولها، بما في ذلك رأي الأصدقاء فيما تكتبه: "من ذلك كله صنعت قصيدتي/ وصفوها بالزهرة السوداء/ وهذا ما أسعدني/ غير أنهم سخروا من/ نفسي القصير/ ونصحوني بتوسيع العالم". 

ومع ذلك تجرب، لتصل إلى طرق لا تنتهي بها إلى استراحة محارب، فهي تقول: "لا تصدقني/ حين أكتب إليك في الليل/ ثمة رهافة لا أحبها/ تتسلل إلى قصيدتي".

 

قد يهمك أيضاً : 

"كشجرة تستدل بالضوء" لعادل سعد يوسف في سلسلة "الإبداع العربي"

منتدى الشعر المصري يناقش ديوان اليمني هاني الصلوي "لا كرامة لمستطيل"