أظهرت دراسة أميركية حديثة أن ما تأكله الحامل لا يغذي طفلها فقط، بل يشكل ذوقه الغذائي لاحقا. فبعد 21 أسبوعا من الحمل يزن الجنين حوالي 350 غراما. وخلال وجوده في الرحم يبتلع الجنين عدة أوقيات من السائل "الأمنيوسي" المحيط به يوميا. وتشكل نكهته أطعمة ومشروبات تناولتها الأم. وبحسب الباحثة بمركز مونيل لدراسة الحواس الكيميائية ومؤلفة الدراسة جولي مينيلاّ فقد ثبت انتقال نكهات الفانيليا والجزر والثوم واليانسون والنعناع للسائل الأمنيوسي ولبن الأم، وليست هناك نكهة لا تظهر في الرحم. وللتحقق من ذلك تلقت نساء حوامل كبسولات ثوم أو سكر قبل أخذ عينات روتينية من السائل الأمنيوسي، وطُلب من بعض الأشخاص شم رائحة العينات، واستطاعوا بسهولة تمييز عينات النساء اللاتي تلقين الثوم. ويمثل الشم 90% من حاسة التذوق، مما يؤكد قدرة الأجنة على تذوق الثوم من رائحته. واستمدت مينيلا الفكرة من منتجي ألبان بحثوا في الستينيات والسبعينيات تأثير غذاء الأبقار في نكهة اللبن، فوجدوا الأبقار التي تأكل ثوما وبصلا بريا أو تعيش في حظائر نتنة تنتج ألبانا بروائح مميزة. ولا يقتصر تأثير نكهات الطعام على السائل الأمنيوسي ولبن الأم، بل تتشكل ذاكرة للنكهات قبل الولادة، مما يؤدي لتفضيل الأطفال لأطعمة أو روائح مدى الحياة، فإذا أكلت الحامل قرنبيطا فهناك فرصة كبيرة لأن يحبه طفلها. ورصدت الباحثة ذلك لدى الأرانب، فقررت اختباره عند أطفال البشر بالنسبة للجزر. فقسمت الحوامل المشاركات في الدراسة إلى ثلاث مجموعات: الأولى تشرب عصير الجزر يوميا خلال الحمل، والثانية كذلك خلال فترة إرضاع طفلها منها، والثالثة تتجنب الجزر تماما. لاحقا، عندما بدأ الأطفال يأكلون أطعمة معتادة، أطعمهم الباحثون حبوبا (سيريال) مجهزة بالماء أو بعصير الجزر، وصوروا استجاباتهم بالفيديو. وتقر مينيلا بأن كثيرا من الأطفال الصغار تتغضن وجوههم من البروكولي، وقد لا يعجبهم بتاتا، برغم تكرار استهلاك الأمهات له خلال حملهن، لكنها ترى ضرورة استمرار تعريض الصغار لهذه النكهات لأنهم في المحصلة قد يحبونها.