معرض "بورصة السياحة العالمي"

 انشغلت برلين طوال خمسة أيام بمعرض "بورصة السياحة العالمي" الذي يُقام فيها في شهر مارس (آذار) من كل عام، وكانت مقاطعة ماكلنبورغ موربومرن ضيف المعرض هذا العام، ويُعتبر هذا المعرض من المعارض التجارية الرائدة في صناعة السياحة والسفر، لذا تحوَّل منذ سنوات إلى منصة للأعمال الرائدة للسياحة العالمية، إلا أن إدارة المعرض لم تكن راضية تمامًا عن المحصلة هذا العام، فعدد البلدان المشاركة تراجع من 185، عام 2017، إلى 180 بلدًا من القارات الخمسة، كما تراجع عدد الزوار بين زائر تاجر (أصحاب مكاتب سياحية) ومتخصص وزائر عادي بنسبة 7 في المائة ليصل إلى 170 ألف من بينهم 110 آلاف زائر متخصص، وكان عدد الزوار في عام 2016 نحو 120 ألفًا من ألمانيا وخارجها.

مع ذلك، فإن كريستيان غوك، الرئيس التنفيذي لمؤسسة المعارض في برلين، حيث يُقام معرض بورصة السياحة العالمي، متفائل بالمناخ الاقتصادي الإيجابي في منطقة اليورو، ويقول إن التوقعات المستمرة للنمو المستدام للاقتصاد العالمي خلال العامين الماضيين كانت وراء المزاج الإيجابي بين العارضين والزوار خلال الأيام الأخيرة، ونظرًا للازدهار الحالي ومعدلات البطالة المنخفضة، أصبح الناس في حالة مزاجية جيدة لاختيار السفر وقضاء العطلات في كثير من بلدان الاتحاد الأوروبي؛ فهي بشكل عام هدف سياحي يجعلهم لا يفكرون في سعر صرف اليورو أو تكاليف السفر البعيد، ما يعني أن اهتمام الألماني بدأ ينحصر ببلدان اليورو.

مع ذلك، يعترف بأن التطور الاقتصادي الباعث على السرور في صناعة السياحة والسفر لا يمكن أن يُخفي حقيقة أن هذه الصناعة في جميع أنحاء العالم تواجه أكبر التحديات؛ فهناك حاجة إلى ضمان السلامة والأمان للمسافرين، وهذه أمور لا يمكن التنبؤ بها مسبقًا، ولا يمكن لشركة السياحة ضمانها تمامًا.

- رحلات رخيصة وأخرى للأغنياء

ويفسر مارك يوهانس، خبير سوق السياحة في ألمانيا، تراجع عدد الزوار التجّار في بورصة السياحة إلى أسباب عدة، من أهمها الحالة الاقتصادية في بلدان الاتحاد الأوروبي، فالمشكلات الاقتصادية التي بدأت تنعكس بوضوح على وضع الفرد اقتصاديًا جعلته يفكر مليًا قبل الإقدام على القيام برحلة مهما كانت تكلفتها، والألمان الذين كانوا يعتبرون أسياد السياحة في العالم تراجعت نسبيًّا قدراتهم المادية على القيام بأكثر من رحلة سنويًّا.

ورغم ارتفاع أسعار الرحلات، فإنه لا يزال أمام الشباب فرصة، وهم الأكثر تجولًا في العالم، لكي يستفيدوا من عروض السفر الرخيصة التي يكون فيها المبيت في مخيمات أو موتيلات، لكن للرحلات الفاخرة زبائنها أيضًا، فقد شهد معرض السياحة العالمي هذه السنة عروضا عدة للرحلات الباهظة التكاليف، مثلًا رحلة لمدة شهر على متن أفخم السفن التي تعبر المحيطات وتصل تكلفة هذه الرحلة إلى 25 ألف يورو، ولقد عُرضت نماذج لهذه السفن في بورصة السياحة وكأنها فندق فخم جدًّا عائم فوق الماء، ولا يوجد في هذه السفن غرف بل أجنحة وكأنها فيلات، وهنا يقول ديفيد رويتز، رئيس شركة “لوكشري لايت نايت”، لقد أصبح السفر الفاخر مزدهرًا، ونحن نستجيب بأساليب مبتكرة لهذا التطور الممتع، وأشار إلى أن حصة هذا النوع من السياحة الفخمة تبلغ سبعة في المائة مع معدلات نمو متوقعة.

- مشاركة عربية كبيرة

ورغم تراجع عدد العارضين، فإن المشاركة العربية كانت هذا العام لافتةً للنظر، فكل بلدان الخليج تقريبا كانت حاضرة ضمن أجنحة فخمة وعروض سياحية بين باهظة ومتهاودة، ولفت النظر جناح المملكة العربية السعودية والعروض السياحية الجيدة، ويأتي ذلك في وقت كشفت فيه المملكة عن برامج ومشاريع لرفع حجم الاستثمارات السياحية خلال 3 سنوات، كما كان لمصر حضور كبير من أجل استعادة خسائر قطاعها السياحي نتيجة الظروف الأمنية الأخيرة؛ فالبلاد شهدت تراجعًا في قطاعها السياحي منذ 2015، لكنها استعادت زخم الحراك السياحي خلال السنة الأخيرة، وتعتبر مصر بالنسبة للألمان وجهة سياحية محببة منذ سنوات طويلة.

وكانت للجناح الفلسطيني حضور لافت، وجاء للترويج للسياحة “في الأراضي المقدسة”، وذكر أحد القائمين على الجناح أن أعدادًا كبيرة قدمت إلى فلسطين في فترات أعياد الميلاد تجاوزت الـ200 ألف زائر أوروبي، ويتوقع زيادة الأعداد خلال أعياد الفصح والصيف المقبل.

وتزدهر سياحة المخاطر نتيجة اهتمام السياح الشباب بها، وبالأخص في مناطق لم تكن معروفة سابقًا، واليوم تجسد تحديًا لهم، مثل غيرنلاند في منطقة القطب الشمالي، التي تتميز بالمناظر الطبيعية الرائعة لكن الأهم بالنسبة للشباب رياضة التجديف في المضايق الضيقة والجليدية، كما تحول الكثير من السياح الشباب اهتمامهم إلى شانغهاي في الصين