مسرح "الإلدورادو" في بورسعيد

تميّزت الأحياء الراقية في مدن القناة، التي كانت مخصّصة للمهندسين الأجانب، الذين يعملون في قناة السويس، والعائلات المرموقة الفرنسية والإيطالية، بالكنائس بديعة الطراز، والتي تعدُّ تحفًا فنية، لا يوجد مثيل لها، وأيضًا المسارح الجميلة، ومنها مسرح "الألدورادو" (مدينة الذهب) في بورسعيد، والذي تمَّ افتتاحه عام 1896، فضلاً عن كونه من أهم المسارح المصريّة.وتعدُّ محافظات القناة، لاسيما بورسعيد، التي

تعتبر البوابة الشرقية لمصر، ومدخل قناة السويس الشمالي، من أهم المحافظات التي تحتوي على آثار وأماكن تراثية إيطالية وفرنسية، ليس على مستوى جمهورية مصر العربية فقط، بل على مستوى العالم بأسره، فيما ينظر الكثيرون إلى محافظة بورسعيد على أنها محافظة ساحلية وتجارية، خالية من آثار التاريخ.


وجلب المهندسون الفرنسيون حجارة بناء هذا المسرح من مارسيليا، فيما نفّذ التصميم الداخلي الحرفيون من مدينة دمياط المصريّة، والذي تضمّن مقاعد "فوتونات"، و50 لوج، مقسمة إلى قسمين، أمّا الصالة فكانت تتسع لـ400 كرسي أوركسترا جميل، وتتوفر على آلة عرض سينمائي على أحدث مستوى.
وكانت غالبية الفرق التي مثّلت عليه يونانية وأوروبية، حيث شهد عروض ألعاب الخفّة، والتنويم المغناطيسي، والمسرحيات الكوميدية، فضلاً عن العروض الموسيقيّة، التي كان صداها يصل إلى آخر منطقة في بورسعيد آنذاك.
وساهمت 5 فرق ثابتة في رواج المسرح على الصعيد الموسيقي، وهي فرقة "مارغريتا" و"آلليرا"، والإنترناسونال"، وفرقة يونانية، وأخرى مصرية.
ومثّل الريحاني، في عام 1951، مسرحيّة "الشايب لما يدّلع"، كما غنى عليه الفنان عبدالحليم حافظ، فضلاً عن الفرق العالمية التي كانت تحيي حفلاتها على هذا المسرح، دون سواه في مصر.
ويعاني المسرح، الذي ترك بصمته التاريخيّة في ذاكرة المصريّين والأجانب، على مدى عقود، من التناسي والإهمال، فبعد أن كان منارة للإبداع في بورسعيد، لم يعد يعرفه أحد في المدينة، فيما قضت عوامل التعرية والأمطار على المبنى الفرنسي، وتحوّل إلى مخزن للمخلفات.