واشنطن - عادل سلامة
تمكّن قائد محطة الفضاء الدولية، رائد الفضاء الأميركي سكوت كيلي، من التقاط صور جذابة لكوكب الأرض أطلق عليها "فن الأرض"، ولكن هل يعتبر كيلي فنانًا بالفعل؟.
وللإجابة على هذا التساؤل علينا أن نعود إلى كهف ""Pech Merle في فرنسا والذى يضم أقدم الأعمال الفنية، وربما نشعر للوهلة الأولى عند النظر إلى هذه الأعمال على أنها مخيبة للآمال، ويعد الكهف من العجائب الطبيعية التي تضم القمم المعدنية اللامعة مثل الكاتدرائية الجوفية، وفي المرة الأولى التي تشاهد فيها بقعة تحمل بصمات إنسان تتدلى في الصواعد والهوابط في الكهف تعتبر عادية لكنها الآن تعد قفزة رائعة إلى الأمام، وأصبح الحيوان واعيًا وقادرًا على استخدام الفن للتعبير عن وعيه بالحياة والموت والزمان والمكان.
ويساعد العقل البشري في جعل الفن مميزًا، فالعين تنظر والعقل البشري يرى المشهد، وربما كان هذا السبب الذي جعل الصور التي التقطها مسبار "نيو هوريزون" لكوكب بلوتو غير فنية، في حين كانت الصور التي التقطها كيلي فنية، لأن الإنسان يستجيب عاطفيا لرؤية كوكب الأرض من الفضاء، كما أنه اختار التقاط صور غريبة وموحية بعضها يجسّد بحيرة تلمع في الظلام مثل الزئبق في الصحراء، أو شبكة خضراء فوق سطح البحر مع امتزاج اللونين البنفسجي والأزرق، وساهمت هذه الصور غير المتوقعة في تغيير رؤيتنا إلى الكوكب الذي نعيش فيه.
ولا يعتبر كيلي مجرد رائد فضاء يمتلك كاميرا ويدور حول الأرض لكنه يعدُّ فنانًا حقًا، وتشير صوره إلى أنه يدرك مفهوم الفن وما يمكن أن يفعله، واستطاع كيلي أن يجعل الأرض تبدو غريبة ومختلفة في صوره، ولا يستطيع "الروبوت" التقاط مثل هذه الصور الرائعة، ومعظم الصور الجذابة لم تلتقطها الآلات الفضائية.
وتقوم "ناسا" بتجميع الصور التي التقطت للفضاء من خلال تليسكوب Hubble"" ويتم تحريرها وتلوينها ويستطيع الذوق الإنساني أن يجعل هذه الصور تبدو رائعة، وأظهرت المؤرخة الفنية، إليزابيث كيسلر، كيف تاثرت "ناسا" باللوحات الرومانسية للقرن الـ 19 في الطريقة التي قدمت بها الصور الكونية الفضائية، ومن الأفضل إرسال إنسان بشري لالتقاط أفضل الصور للفضاء بحيث لا يتم تعديلها فيما بعد، وهذا ما فعله كيلي الذي التقط صورًا تدل على عقل واع وشخصية فريدة، حيث نجح في الاستجابة للطبيعة بشكل مبدع وغريب ومؤثر.
وتثبت هذه الصور الرائعة أن استكشاف الفضاء عبر المركبات الفضائية من دون طيار لم يكن كافيا، ويعد إرسال الآلات للمريخ بدلا من البشر خيارا فقيرًا، وعندما يصل الإنسان إلى المريخ فإنه سيرى أشياء لا يمكن لـ"الروبوت" أن يشاهدها، فالإنسان هو الكائن الذي يمكنه صناعة الفن، وتستطيع أعيننا استكشاف الكون من خلال هذا الكهف الفضائي.