الرئيس التونسي والقائد الأعلى للقوات المسلحة

قرّر للرئيس التونسي والقائد الأعلى للقوات المسلحة محد المنصف المرزوقي إحداث منطقة عمليات عسكرية في عدد من  المدن والمناطق الجبلية الساخنة، لهدف تعزيز جهود القوات الأمنية والعسكرية في مكافحة الإرهاب، وسط تجدد الإشتباكات مع عناصر مسلحة  قرب مركز الحرس الحدودي المتقدم "الملّة" بغار الدماء التابع لمحافظة جندوبة المتاخمة للجزائر. يأتي ذلك فيما حذرت وزارة الداخلية النقابات الأمنية من الإنحراف نحو العصيان منددة بما اعتبرته "إقحام المؤسسة الأمنية في التجاذبات السياسية ودعوات رجال الأمن إلى الإضراب الذي من شأنه تشويه المؤسسة الأمنية وتشتيت جهودها".
وأعلن رئيس الجمهورية التونسية والقائد الأعلى لقواتها المسلحة محمد المنصف المرزوقي  عن قرار جمهوري يقضي بإحداث منطقة عمليات عسكرية،  تشمل عددا من المناطق الساخنة التي تعتبرها الدولة التونسية بؤرا للتنظيمات الإرهابية المسلحة، لهدف تضييق الخناق على هذه المجموعات وتعزيز جهود القوات الأمنية والعسكرية وإضفاء النجاعة على عملياتها.
ويشمل قرار الرئيس التونسي احداث منطقة عمليات عكسرية في المناطق التالية: بئر الحفي وسيدي علي بن عون وسيدي عيش وجبل الطوال وجبل أودادة وجبل السلوم وجبل الغرادق وجبل الكمايم وجبل الرخمات والمناطق المتاخمة لها ، ويسري القرار الرئاسي إلى حين نهاية العمليات بنجاح في المناطق المذكورة.
وفي سياق متصل، تستمر دوريات التمشيط الأمنية والعسكرية اليوم الأحد، على طول الشريط الحدودي الشمالي الغربي بين تونس والجزائر، وذلك إثر تجدد تبادل إطلاق بين قوات حرس مركز الملة ومجموعة إرهابية ، وفق ما أكده مصدر أمني رسمي لوزارة الداخلية التونسية.
ونفت وزارة الداخلية التونسية وقوع خسائر بشرية في صفوف عناصر الحرس الوطني إثر المواجهات المسلحة التي اندلعت مع مجموعة إرهابية قرب مركز الحرس الحدودي المتقدم الملّة بغار الدماء من محافظة جندوبة.
وتشهد المنطقة تمركزا كثيفا للتعزيزات الأمنية بمختلف تشكيلاتها من جيش وطني وحرس وشرطة بالاستعانة بالمروحيات التابعة للقوات المسلحة الجوية .
وفي السياق ذاته، تمكنت الوحدات الأمنية في محافظة سيدي بوزيد،  من إلقاء القبض على 4 متشدّدين، فوق سطح إحدى العمارات بصدد تصوير بعض المناطق والأهداف عن بعد،  وقد باغتت الوحدات الأمنية المشتبه بهما وقامت بحجز حاسوبين كانا بحوزتهما.
هذا وتستمر عمليات التمشيط في النقاط الجبلية التابعة لمحافظة سيدي بوزيد (300 كم وسط تونس)، أين قتُل 6 عناصر من الحرس التونسي بينهم رئيس فرقة مكافحة إرهاب في كمين إرهابي مسلح، الثلاثاء الماضي وفق ما أعلنته الحكومة التونسية.
على صعيد آخر، حذرت وزارة الداخلية التونسية النقابات الأمنية من مغبة "الإنحراف نحو العصيان"، داعية إلى النأي بالمؤسسة الأمنيّة عن التجاذبات السياسيّة وتجنب توظيفها لفائدة أيّ جهة كانت.
وأعربت الداخلية عن استغرابها الدعوة إلى تكوين خليّة أزمة خارج أطر هياكل الوزارة، وهو ما اعتبرتها "ضربا للعمل  الأمنيّ في الصميم ، مستنكرة ما وضفته بـ" لغة التوعّد والوعيد والإمهال  الصادرة من بعض النقابات الأمنية ، إزاء المجلس الوطني التأسيسي باعتباره السلطة التشريعية العليا في الدولة".
وأكدت  وزارة الداخلية أنّ الدعوات الصادرة عن بعض الهياكل النقابية إلى بقيّة الأمنيّين للخروج في مسيرة  وتنظيم تظاهرات احتجاجية من شأنه أن "يعرقل العمل الأمنيّ خاصة في هذه الفترة الحسّاسة أمنيّا اليت تواجه فيها البلاد آفة الإرهاب، وسياسيّا باعتبارها تتزامن مع انطلاق الحوار الوطني، وأنّ ذلك من شأنه أن يشوّه صورة المؤسسة الأمنيّة، فضلا على أنّه يُعدّ تصرّفا غير قانونيّ لا يتماشى وأبسط قواعد العمل النقابي الأمنيّ".
وأعربت وزارة الداخلية التونسية عن رفضها المطلق لإقدام بعض العناصر النقابية  بخرق قواعد الإنضباط والإتيان بتصرفات غير لائقة ضد رموز الدولة، مؤكدة أن التحقيقات تسير بنسق متسارع لتحديد المسؤوليات واتخاذ الإجراءات الإدارية الملائمة ضد كلّ من يثبت تورطه في هذه التجاوزات وفق ما يقتضيه القانون.
وأكدت الداخلية التونسية ثبات المؤسّسة الأمنيّة في مجابهة التحدّيات الراهنة وخاصة منها ملف الإرهاب والجريمة المنظمة ، مطالب الأمنيّين إلى الحفاظ على الصورة الناصعة للمؤسسة الأمنيّة التي اكتسبتها بعد الثورة.
ويأتي هذا الخطاب "شديد اللهجة" من وزارة الداخلية إلى رجالها بعد أن قررت إيقاف عدد من القيادات النقابية الأمنية عن العمل للتحقيق معهم في حادثة ثكنة العوينة التي رفع فيها أمنيون شعارات مناوئة ضد رؤساء الدولة والحكومة والبرلمان، مطالبينهم بالرحيل من حفل تأبين زميلين لهما قضيا على يد مجموعة مسلحة.
ويرى مراقبون أن وزارة الداخلية تعيش نوعا من "الأزمة الداخلية" نتيجة ما وصفوه  بمحاولات "العصيان والتمرد"، مستنكرين بيانات النقابات الأمنية ودعواتها للإحتجاج والتظاهر ووقوف بعضها إلى صف المعارضة السياسية الأمر الذي يتنافى مع مبدأ حياد المؤسسة الأمنية ، وهو ما اعتبره محللون تهديدا للدولة " نذر انقلاب وشيك".
وعلى الرغم من أن وزارة الداخلية  نجحت بعد ثورة 14 يناير2011 في التخلص من الصورة السلبية التي ارتبطت بها ، كونها ذراع القمع والإستبداد للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، خاصة بعد استشهاد العديد من رجالها في هجمات مسلحة واستهدافهم من قبل تنظيمات متطرفة، إلا أن أهم جهاز في الدولة التونسية يواصل كغيره من مؤسسات الدولة التخبط في صراعات داخلية بشهادة وزير الداخلية نفسه لطفي بن جدو الذي كشف مؤخرا أن وزارته مازالت مخترقة من قبل بقايا النظام السابق، وبعض الأحزاب القائمة في السلطة والمعارضة حاليا التي تحاول اختراق المؤسسة الأمنية، متعهدا بمحاربة هذه الظاهرة وبضمان مؤسسة أمن جمهوري محايد واجبه حماية الدولة والذود عن أمن المواطنين.