الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش

 هاجم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في تقرير مكتوب بشأن تنفيذ القرار 2334، النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، مؤكداً أنها "تقوض الآمال في إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة".
وحذّر غوتيريش مِن أن "المعاناة الهائلة" الأخيرة في غزة تنذر باقتراب الوضع من حافة الحرب، مكررا مطالبته بإجراء تحقيق "مستقل وشفاف" في الأسباب التي أدت إلى مقتل العشرات وجرح الآلاف من المدنيين الفلسطينيين قرب السياج الحدودي للقطاع مع إسرائيل، وأكد أن الخطوات الأحادية من أي طرف يسعى إلى تغيير طابع القدس "تشكل عقبة أمام السلام".

وأعدّ الأمين العام للأمم المتحدة تقارير شفهية لمجلس الأمن عن تنفيذ هذا القرار الذي أصدره في نهاية عام 2334.

النشاطات الاستيطانية تتواصل بلا هوادة

وقال الأمين العام في خلاصات تقريره المكتوب الأول الذي حصلت "الشرق الأوسط" على نسخة منه إن "النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية تتواصل بلا هوادة"، مؤكدا أنها "تقوّض الآمال والآفاق العملية لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة"، وأشار إلى أن القرار الذي اتخذته إسرائيل في 30 مايو/ أيار الماضي بالموافقة على إعطاء تراخيص لبناء نحو 3500 وحدة سكنية في الضفة الغربية المحتلة، في أكبر دفعة منذ يونيو/ حزيران 2017 "يوجد المزيد من العراقيل أمام دفع حل الدولتين متفاوض عليه"، وكرر أن "كلّ النشاط الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، يشكل انتهاكا صارخا بموجب اﻟﻘﺎﻧﻮن الدولي كما حدد القرار 2334، ويجب أن يتوقف فورا وتماما".

وأضاف غوتيريش أن قرار المحكمة العليا الإسرائيلية الصادر في 24 مايو/ أيار السماح بهدم كل الأبنية تقريبا في خان الأحمر - أبوالحلو "يضع المجتمع المحلي في خطر داهم"، معبرا عن "القلق من أن القرار الحالي يمثل سابقة رئيسية، ويشكل تهديدا لمجتمعات الرعي البدوية الأخرى في كل أنحاء المنطقة (سي) من الضفة الغربية المحتلة".

وطالب الحكومة الإسرائيلية بـ"إلغاء خططها لتنفيذ الهدم الشامل ونقل سكان خان الأحمر - أبوالحلو"، مذكرا كل الأطراف بأن "مثل هذه الأعمال داخل الأراضي المحتلة يمكن أن تشكل انتهاكا جسيما للقانون الإنساني الدولي"، ولاحظ أن الفترة الراهنة "شهدت معاناة هائلة لشعب غزة وتصعيدا هو الأخطر منذ نزاع 2014 بين حماس وإسرائيل"، مضيفا أن ذلك "ينبغي أن يكون إنذارا للجميع حيال مدى اقتراب الوضع من حافة الحرب".
وشدد على أنه "فقط عبر تغيير الواقع على الأرض - وعبر الاعتراف بمحنة الفلسطينيين في غزة ومعالجتها وضمان التزام جميع الأطراف بتفاهمات وقف النار لعام 2014، ودعم الجهود التي تقودها مصر لاستعادة سيطرة الحكومة الفلسطينية الشرعية في غزة، يمكننا الحفاظ على إمكانية قيام دولة فلسطينية كاملة التمثيل ومستقلة وقابلة للحياة ومستقلة والحيلولة دون وقوع نزاع مميت وكارثي آخر"، وندد "بما لا لبس فيه بالخطوات التي اتخذتها كل الأطراف التي أوصلتنا إلى هذا المكان الخطير والهش".

صُدم بعدد الوفيّات التي لحقت بالفلسطينيين

وأكد غوتيريش أنه "صُدم بعدد الوفيات والإصابات التي لحقت بالفلسطينيين نتيجة استخدام القوات الإسرائيلية للنيران الحية منذ بدء الاحتجاجات على طول السياج الحدودي مع غزة في 30 مارس/ آذار"، موضحا أنه "تقع على عاتق إسرائيل مسؤولية ممارسة الحد الأقصى من ضبط النفس في استخدام النيران الحية وعدم استخدام القوة القاتلة إلا ملاذا أخيرا في حال وجود خطر وشيك بالموت أو الإصابة البالغة"، وإذ أقر بأنه "يجب على إسرائيل أن تحمي مواطنيها" شدد على أنه "يجب عليها أن تفعل ذلك مع احترام القانون الإنساني الدولي"، لافتا إلى أن "قتل الأطفال، وكذلك الصحافيين والعاملين الطبيين المعروفين بوضوح لدى القوى الأمنية خلال المظاهرة أمر غير مقبول".

ونبّه إلى أنه "يجب السماح لهم بأداء واجباتهم من دون خوف من الموت أو الإصابة"، مضيفا أن "الهجمات على الفرق الطبية في غزة لا تهدد حياة العاملين الصحيين والمرضى وصحتهم فحسب، بل تقوض أيضا القدرة الكلية للنظام الصحي في غزة"، وأكد أنه على رغم أن الجيش الإسرائيلي أنشأت فريقا لدرس الحوادث الأخيرة، فإنه يكرر دعواته من أجل "إجراء تحقيق مستقل وشفاف في هذه الحوادث".

وقال إن "أعمال حماس وغيرها من الجماعات المسلحة تعرض للخطر ليس حياة الإسرائيليين والفلسطينيين فحسب، وإنما أيضا الجهود الرامية إلى استعادة الكرامة واحتمالات إيجاد مستقبل قابل للحياة عند الفلسطينيين في غزة"، مضيفا أنه "في سياق مسيرة العودة الكبرى، حاول البعض اختراق السياج الحدودي أو وضع متفجرات عليه أو بالقرب منه؛ مما يعد استغلالاً وتقويضاً لحق الأفراد المشروع بالاحتجاج بطريقة غير عنيفة"، واعتبر أن "الصواريخ التي أطلقت في اتجاه إسرائيل قرّبتنا من نزاع شامل لم نره منذ عام 2014"، مؤكداً أن "كل هذه الأعمال غير مقبولة، وفي حالة إطلاق الصواريخ عشوائياً على السكان المدنيين، فإن ذلك يمكن أن يشكل انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي". وطالب "حماس" وغيرها بـ"الامتناع عن إطلاق الصواريخ وخرق السياج"؛ لأن "التصعيد يزهق فقط أرواحا أكثر ثمينة".

عدم دفع المرتبات يزيد الوضع تعقيدًا

وعبّر عن "قلق عميق من الانهيار الاقتصادي" في غزة بسبب نظام الإغلاق التقييدي الذي تفرضه إسرائيل، ولفت إلى أن "عدم دفع المرتبات من الحكومة الفلسطينية لموظفيها في غزة يزيد الوضع تعقيدا"، داعيا إلى "إلغاء هذا الإجراء وغيره من التدابير الخطيرة وعدم فرض أي تدابير جديدة"، وأضاف أنه "يجب أن تستمر الجهود الرامية إلى الحفاظ على الروابط وتوحد غزة مع الضفة الغربية، بدءا من عودة غزة إلى السيطرة الكاملة للحكومة الفلسطينية الشرعية".

وحذّر من مخاطر تدهور الحال الإنسانية الوضع في غزة، مؤكدا أن "الحالة اليائسة تتفاقم بسبب التعليق المحتمل لبرامج رئيسية للأمم المتحدة تعد بمثابة حبل نجاة للفلسطينيين في غزة"، وقال إن "الوضع المالي غير المستقر لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم في الشرق الأدنى (الأونروا) هو مصدر قلق خاص، ليس فقط لنحو مليون لاجئ فلسطيني في غزة (...)، لكن أيضا لمتلقي خدمات (الأونروا) في كل أنحاء الضفة الغربية والأردن ولبنان وسورية"، مضيفا أن "العجز الكبير الذي يصل إلى 250 مليون دولار، إذا لم يجرِ تسديده على وجه السرعة، ينطوي على خطر كبير يتمثل في تعطيل خدمات الوكالة"، وناشد كل الدول تقديم المزيد من الدعم لـ"الأونروا" مع اقتراب موعد مؤتمر المانحين الخاص.