أكد الباحث الآثري سامح الزهار المتخصص في الآثار الإسلامية والقبطية أن بداية احتفال المصريين بالمولد النبوي الشريف تزامن مع دخول الفاطميين إلى مصر حيث أقيم أول احتفال بالمولد في عهد الخليفة الفاطمي المعز لدين الله عام ٩٧٣ هجريا أول من أسس لهذا الاحتفال، مشيرا إلى أن الدولة مكتملة "الخليفة والوزراء وعامة الشعب" كانت تستقبل تلك المناسبة التي تبدأ من أول ربيع الأول حتى 12 من الشهر نفسه. وأشار الزهار - في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم - إلى أنه من أهم سمات هذا العصر في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف الإفراط في صنع الحلوى بأشكالها المختلفة كالطيور والقطط والخيول وعروسة المولد، موضحا أنه تم ابتكار نظام جديد يهدف إلى تخزين المواد الغذائية من سمن وسكر ودقيق، حتى يتم تصنيع الحلوى التي كانت توزع بأمر الخليفة على جميع طبقات الشعب في جميع المناسبات الدينية وبصفة خاصة المولد النبوي. وأوضح أنه بالنسبة للعصر الأيوبي فقد تم إلغاء جميع مظاهر الاحتفالات الدينية وكان القائد صلاح الدين الأيوبي يستهدف من ذلك تقوية دولته عسكريا ومواجهة ما يهددها من أخطار ومحو جميع الظواهر الاجتماعية التي ميزت العصر الفاطمي. وقال إنه في بداية الدولة المملوكية اتخذ الاحتفال بمولد النبي الكثير من العظمة ليتناسب مع ما شهده المجتمع من رفاهية حيث حرص السلاطين على مشاركة الشعب الاحتفال بهذه المناسبة، مشيرا إلى أن السلطان كان يقيم بالحوش السلطاني خيمة في القلعة تسمى خيمة المولد وأول من أسسها السلطان قايتباي. وأضاف أنه تم وصف تلك الخيمة بأنها زرقاء اللون على شكل قاعدة في وسطها قبة مقامة على أربعة أعمدة وبلغت تكلفتها حوالي 36 ألف دينار وكان يوضع عند أبوابها أحواض تملأ بالماء المحلى بالسكر والليمون وتعلق حولها الأكواب الفاخرة المصنوعة من النحاس والمزينة بالنقوش ويبدأ المقرئون في التلاوة بآيات القرآن الكريم وكلما انتهى مقرئ أعطاه السلطان صرة بها ٥٠٠ درهم فضة وبعد صلاة المغرب يتم توزيع الحلوى السكرية وفي صباح يوم المولد يوزع السلطان كميات من القمح على الزوايا. وأشار إلى أنه في إبان الحملة الفرنسية على مصر اهتم نابليون بونابرت بإقامة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف حيث قام بارسال ٣٠٠ ريال إلى منزل الشيخ البكرى نقيب الأشراف في مصر وأرسل الطبول الضخمة والقناديل لاستمالة قلوب المصريين إلى الحملة الفرنسية. وتابع أنه في عهد الأسرة العلوية أصبحت مسئولية الاحتفال تقع على عاتق نقيب الأشراف الذي يتلقى أموالا من الخزانة العامة للدولة وإدارة الممتلكات الخديوية، التي تخصص كميات كبيرة من الأرز واللحوم والسكر لبيعها في الاحتفالات، لافتا إلى أنه من مظاهر تلك الاحتفالات أن تزدان خيمة البكرى بزيارة الخديوي ومعه العلماء والأعيان لسماع قصة المولد النبوي وتوزع الحلوى وشراب الليمون. وذكر الباحث الأثري سامح الزهار أنه في العصر الحديث وتحديدا عهد الملك فؤاد انتقلت ساحة الاحتفال إلى العباسية وتولت وزارة الأوقاف إقامة السرادقات طوال فترة الاحتفالات.