يجد الكثيرون من الألمان صعوبات في المواءمة بين حياتهم العائلية وطموحاتهم المهنية. وفي حالات كثيرة يضطر بعضهم للبحث عن أعمال لا تتطلب دواما كاملا للاهتمام بأطفالهم. إلا أن هناك شركات تعطي تسهيلات وتقدم نماذج مختلفة للعمل. من يريد أن يتطور من الناحية المهنية، يجب عليه أن يبذل كل الجهود من أجل إنجاز عمل ممتاز. وإذا عمل المعنيون ساعات إضافية أو إذا عملوا لفترات معينة في دول أجنبية، فإن ذلك مشجع لتطورهم المهني. بيد أنه في معظم الحالات يفكر هؤلاء أيضا في تأسيس عائلات خاصة بهم. ويجب على النساء بشكل خاص أن يخترن بين أطفالهن وتطورهن المهني. ومن يتولى العناية الدائمة بقريب مصاب بمرض مزمن يجد نفسه في مأزق شبيه. ويجد الشباب المميزون أنفسهم مجبرين لمدة عقود على حل كل هذه المشاكل بالاعتماد على أنفسهم فقط. ولا تدرك الشركات إلا تدريجيا أن جاذبيتها بالنسبة إلى هؤلاء الشباب تصبح أكبر، إذا أتاحت لهم الفرصة للعمل على أساس نماذج مختلفة لساعات العمل. ولا يعود ذلك بالفائدة على العمال فقط، وإنما على الشركات أيضا. تتيح شركة روبرت بوش (Robert Bosch GmbH)مثلا لعمالها الإمكانية لقضاء ما يسمى بالفترة العائلية التي تساوي من حيث أهميتها بالنسبة للتطور المهني فترة عمل في دولة أجنبية. وتنتج شركة بوش قطع غيار لصناعة إنتاج السيارات وغير ذلك. ويبلغ عدد عمال الشركة أكثر من 300 ألف شخص يعملون في مختلف دول العالم، وذلك على أساس أكثر من 100 نموذج لساعات العمل. ورغم أن هذا قد يبدو كبيرا جدا للوهلة الأولى، إلا أن سبب ذلك يعود إلى اختلاف مصالح العمال، كما تقول هايدي شتوك مديرة مركز الشركة لتطور العمال المهني. يعتبر العمل في المنزل والعمل عن بعد والعمل بدوام جزئي بعض الإمكانيات فقط المتاحة للشركات للرد على حاجات عمالها المؤهلين ورفع جاذبيتها بالنسبة لهم. وتشمل نماذج ساعات العمل في شركة بوش أيضا الظروف السائدة في مواقعها خارج ألمانيا، كما تقول هايدي شتوك. وتضيف: "في فرنسا مثلا تبقى رياض الأطفال في يوم الأربعاء من كل أسبوع مغلقة. وعليه يعمل عمال معينون هناك على أساس نماذج تستبعد العمل في يوم الأربعاء". جدير بالذكر أن ربع المديرات في شركة بوش يعملن بدوام جزئي. وهذا مفيد لهن وللشركة على حد سواء، كما تقول هايدي شتوك. وتضيف: "إن ما نريده من العاملين، هو أن يتفقوا معنا على أمور معينة، بمعنى أين يمكن أن يعملوا وفي أي يوم. وهل بمقدورهم حضور اجتماعات مهمة تعقد في الشركة؟ وإذا كانت الشركة مرنة، فسيتميز العاملون فيها أيضا بالمرونة". تظهر مثل هذه الأمثلة أهمية النماذج المختلفة لساعات العمل، كما تقول مريم هوهايزل مديرة اتحاد الأمهات والآباء الذين يربون أطفالهم بمفردهم، مشيرة في هذا السياق إلى أنه من المهم أن يكون المدراء قدوة لغيرهم من العاملين. وتضيف هوهايزل: "من يعرف بنفسه مدى أهمية الانسجام بين الحياة العائلية والحياة المهنية سيحاول تأمين هذا الانسجام في شركته أيضا". علاوة على ذلك ينبغي ألا تشير الشركات دائما إلى الإرهاق المزعوم الذي يتعرض له الآباء الأمهات الذين يربون أطفالهم بمفردهم، وإنما ينبغي أن تستفيد من قدراتهم، كما تقول هوهايزل. وتضيف: "الذين يربون أطفالهم بمفردهم ملتزمون إلى حد كبير وينظمون حياتهم اليومية بشكل جيد. ويتقدمون بمبادرات كثيرة، مما يعود بالفائدة على رجال الأعمال". رغم ذلك لا تكفي في رأي مريم هوهايزل الإشارة إلى الأمثلة الإيجابية والأمل في أن جميع الشركات الألمانية ترى فيها قدوة لها، إنما من الضروري إصدار قوانين تعطي الآباء والأمهات  الحق في المشاركة في وضع نماذج جديدة بشأن ساعات العمل. وعلاوة على ذلك يجب أن تشمل هذه القوانين حق الأمهات بشكل خاص في العودة من عمل مؤقت بدوام جزئي إلى عمل بدوام كامل. وطالما لا يتمتع المعنيون بهذا الحق يمكن أن يصبح العمل بدوام جزئي نوعا من الشرك. وكما تقول هوهايزل "يريد الكثيرون بعد بحث ناجح عن روضة أطفال تقوم برعاية أطفالهم في ساعات العمل، أو عندما يصبح أطفالهم أكبر سنا، أن يعملوا مجددا بدوام كامل. إلا أنهم لا يتمتعون بالحق في ذلك حتى الآن. وهذه مشكلة كبيرة". من هنا سيشكل موضوع الانسجام بين الحياة العائلية والحياة المهنية أحد أهم المواضيع في حملة الانتخابات البرلمانية في الخريف القادم.