نمل الصحراء

تعتبر بيئة الصحراء الكبرى واحدة من أقسى البيئات على وجه الأرض حيث درجات الحرارة الحارقة في كثير من الأحيان والتي هي أعلى من 40 درجة مئوية ( 104 فهرنهايت ). وبالنسبة لأحد سلالات النمل الفضية، فقد توصل العلماء إلى أن خصائص بصرية إستثنائية للشعيرات على ظهورهم هي ما تتيح لهم البقاء على قيد الحياة في درجات الحرارة الحارقة في منتصف النهار.

وبينما نجد أن معظم الحيوانات تحتمي من حرارة الشمس، فإن نمل الصحراء الفضي يختار فترة الظهيرة كوقت رئيسي للإعتلاف نظراً لأنه في ذلك الوقت لا تتواجد الحيوانات المفترسة في الخارج، ولكي تكون قادرة على البقاء على قيد الحياة في درجات حرارة تتعدى 50 درجة مئوية، فإن ذلك النمل تغطيه شعيرات دقيقة، والتي تعكس ما لا يقل عن 95 بالمائة من الضوء الساقط عليه ويظهر وكأنه يشبه المرايا بشكل مذهل، لتكون فريدة من نوعها في عالم الطبيعة.

وعند التشريح، فقد اكتشف كوينتين ويلوت وهو طالب دكتوراه في جامعة بروكسل المجانية بأن الشعر لديها به مقطع عرضي ثلاثي وتمويجات مجهرية، بما يعطيها خاصية تسمى " الانعكاس الداخلي الكامل "، وهي نفس الظاهرة التي تسمح للألياف البصرية نقل إشارات الهاتف والإنترنت عبر مسافات شاسعة دون فقدان إشارة. كما أنه وفي حالة النمل، فإنها مسؤولة عن اكتسابهم اللون الفضي، لتكون هي المخلوقات الوحيدة المعروف اكتسابها ذلك اللون بهذه الطريقة.

وباستخدام المجهر الإلكتروني في المسح للكشف عن أسرار الشعر الخاص بالنمل، فقد قارن ويلوت وزملاؤه ما بين النمل الطبيعي مع مثيله الذي تم حلق الشعيرات لديه، لقياس مدى إنعكاس الضوء وكيف كانت سرعة إرتفاع درجة حرارته تحت أشعة الشمس المحاكاة. ووجد الباحثون بأن النمل الذي يتمتع بالشعر كان يعكس الحرارة عشر مرات أكثر تقريباً مقارنةً بالنمل الذي تم إزالة الشعر لديه، بما جعله يبقى حتى 2 درجة مئوية.

ووصف العلماء في مجلة PLOS One انكسار أشعة الشمس من خلال سطح الشعر، ثم انعكاسها عن قاعدة مثلث متساوي الأضلاع، قبل إرسالها مرةً أخرى إلى الغلاف الجوي من خلال الوجه الثالث. ويمتلك المثلث زاوية عليا بمقدار من نحو 72 درجة، ونحو 54 درجة في كل جانب. بينما التمويجات على كل وجه علوي تأتي بعمق 66 نانومتر وتتباعد بمقدار 204 نانومتر، أما الوجه السفلي فهو ليس مموج.

وأكد ويلو خلال حديثه إلي صحيفة الديلي ميل الإلكترونية بأن قيامه هو وزملاؤه بجمع النمل من الكثبان الرملية في المغرب، ثم إزالة الشعر لدى بعضها لمعرفة تأثير الشعيرات الفضية لديها في البقاء تحت درجات حرارة عالية لم يكن إجراءاً سهلاً، في ظل محاولات النمل المستميتة وعدم توقفها عن الحركة بمجرد الإمساك به، ومنع أي محاولة لحلاقة الشعر إذا لم يتم التخدير. وعقب القيام بحلاقة شعر الجنود الكبيرة للنمل، فقد تبين من الممارسة أن النمل الصغير يمكن حلاقة الشعر لديه في غضون ساعة من العمل الدقيق. فيما قدر بأن عدد النمل الذي تم حلق الشعر لديه كان 40 وذلك لإنتاج سبعة أمثلة جيدة للتجارب.