الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية

علي غير العادة، لم تكن أروقة البرلمان هادئة يوم "الخميس"، وهو اليوم الذي لم يشهد أي زخم أو نشاط داخل المجلس منذ إنعقاده في يناير الماضي، والسبب في ذلك هو عودة النواب المغتربين إلي قراهم ومدنهم، وهم يشكلون شريحة عريضة من قوام البرلمان، ليكون اليوم "الخميس" الأكثر ضجيجا وإزدحاما بالبرلمان منذ فترة، وذلك رغم غياب الجلسات العامة أيضا.

اللجنة الدينية التي يرأسها النائب أسامة العبد رئيس جامعة الأزهر السابق والتي لاطالما عقدت اجتماعات لم يكن لها أي طابع استثنائي، تصدرت المشهد اليوم، فهي اللجنة الفرعية الوحيدة التي حضر اجتماعها اليوم مايزيد عن 40 شخصية من خارج البرلمان، بين رجال دين وسياسيين ووزراء وترأس إجتماعها الوكيل الأول للبرلمان، نظرا لحساسية الموضوع الذي تناقشه والتوصيات الرئاسية بشأنه "تجديد الخطاب الديني".

الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية، ومحمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، والدكتور على جمعة، المفتي السابق، ونصر فريد واصل، مفتى الديار المصرية الأسبق، والأنبا بولا والأنبا أرميا، كانوا أبرز الحضور في اللجنة التي استغرق اجتماعها 5 ساعات كاملة، وذلك في قاعة مخصصة مجاورة للقاعة الرئيسية تحت قبة البرلمان، وسط عشرات من الكاميرات التليفزونية والأطقم الإعلامية، والمحررين البرلمانيين.

بدأ التجهيز للأجتماع الضخم باللجنة الدينية عقب حادث الكنيسة البطرسية مباشرة، ومنذ الصباح الباكر تستطيع أن تلاحظ في البرلمان "حركة غير عادية"، أنتشار مكثف لحرس البرلمان خارج البوابات الرئيسية والجانبية، تغيير في مسار الحركة بين أروقة البرلمان، بوابات ألكترونية حديثة لاتتوقف عن الرصد والتنبيه، ورجال أمن علي باب القاعة، كان من الممكن أن تتناول معهم كوب شاي بأريحية في اليوم السابق، اليوم لايعيرون أحد أنتباها ولايستثنون أحدا من التفتيش.

رغم الضخامة التي بدا عليها الحدث، إلا أنه لم يخرج منه سوي عبارات سبق وأن تم التوصل إليها، مثل التأكيد علي ضرورة تحصين الأطفال من الأفكار المتطرفة، وسن التشريعات التي تكافح الإرهاب، ومنع غير المؤهلين من إبداء الفتاوي، حتي صعد ممثل للأزهر الشيخ محي الدين عفيفي بالكلمات التي أتفق أغلب الحضور بشكل غير معلن علي أنها الأكثر قيمة: لا يمكن تجديد الخطاب الديني قبل حل المشكلات المجتمعية، أي خطاب ديني يفلح وسط هذا الكم من التدهور الصحي، ونقص فرص العمل.

علي الجانب الآخر وفي التوقيت ذاته الذي عقد فيه اجتماع اللجنة الدينية، كان هناك أثنين من وزراء الرئيس المخلوع حسني مبارك يناقشون إنجازات التنمية والمشروعات في أقليم قناة السويس، وزير التضامن السابق علي المصيلحي، ووزير التنمية الإدارية السابق أحمد درويش، الأول بصفته الرئيس الحالي للجنة الاقتصادية بمجلس النواب،  والآخر رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس حالياً .

شهدت الجلسة صراعا بين الأجيال أكثر منه صراعا بين الأيدلوجيات، فالاجتماع الذي كان حاضره مجموعة من النواب البارزين كاللواء مدحت الشريف والنائبة نادية هنري ووكيل اللجنة الحالي النائب عمرو الجوهري، إلا أن من تولوا اشعال السجالات، وناطح درويش والمصيلحي، النواب الشباب عن محافظة بورسعيد محمود حسين وأحمد فرغلي.

حسين وفرغلي تمكنوا من كسر الصورة التقليدية عن الوزير السابق أحمد درويش، ذو الطبيعة الهادئة والردود المحسوبة، لينفعل أكثر من مره أثناء مواجهته بعدم استعانته بالطرف الوطني أو شباب بورسعيد في مشروعاته بأقليم قناة السويس، كما استفزه النواب عندما اتهموه بالعمل منفردا دون أن يهتم بإعلام المصريين بمشروعاته، عكس حرصه علي الطرف الأجنبي الذي يقدم له دراسات شاملة ويعلمه بكل كبيرة وصغيره عكس المصريين.

أهم قاله درويش خلال الاجتماع، كان هجوما حادا علي قانون القيمة المضافة، كاشفا عن تعاون جاري الان بين رئيس ائتلاف دعم مصر النائب محمد السويدي ونائب وزير المالية عمرو المنير لإجراء تعديل تشريعي يستهدف تصحيح آثار سلبية علي الصناعات المصرية تسبب فيها قانون القيمة المضافة.

كشف درويش خلال اجتماع اللجنة الاقتصادية بالبرلمان عن ذلك بعد سؤال من النائب مدحت الشريف الذي اقترح علي درويش التنسيق مع اتحاد الصناعات المصري للاستفادة مما ينتجه الطرف الوطني بدلا من استيراد مستلزمات المستثمرين الأجانب العاملين في مصر، ليرد درويش موضحا: هل تعلم أن قانون القيمة المضافة الذي خرج من البرلمان ساهم في زيادة مؤثرة علي المنتجات التي يمكن للمستثمر ان يستوردها أرخص ب13% من نظيرتها المصرية، وهو عائق لم يكن في الحسبان عندما خرج القيمة المضافة من البرلمان.