توقيت القاهرة المحلي 01:06:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

يجد صعوبة بالغة في فهم أسباب نهب العراقيين لمتاحف بلادهم

ضياء العزاوي يُقدّم 250 عملًا فنيًّا في أحدث معارضه في ولاية نيويورك

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - ضياء العزاوي يُقدّم 250 عملًا فنيًّا في أحدث معارضه في ولاية نيويورك

الفنان ضياء العزاوي
نيويورك - مصر اليوم

بعد مرور نحو عام على احتلال القوات الأميركية للعاصمة العراقية، بغداد، جاء مواطن عراقي إلى الفنان ضياء العزاوي في مقهى كان يرتاده في عمان بالأردن عارضاً عليه بيع بعض اللوحات الفنية النادرة.وكان العزاوي، الذي ساعد في جمع المقتنيات الفنية لصالح المتاحف العراقية بين ستينات وسبعينات القرن الماضي، يعلم تماماً أن اثنين من الأعمال المعروضة عليه للبيع منهوبان من «متحف بغداد للفن الحديث»، ولقد فشل في إقناع الرجل العراقي بإعادتها إلى بغداد.

وبعد مرور سنوات، لا يزال ضياء العزاوي يجد صعوبة بالغة في فهم أسباب نهب العراقيين لكثير من متاحف بلادهم الوطنية في عام 2003، تحت عيون ومراقبة القوات الأميركية التي أطاحت بنظام حكم صدام حسين.

وقال ضياء العزاوي: «كل الأشخاص الذين نهبوا كلّ شيء، ودمروا كل شيء، كانوا يفعلون ذلك وهم لا يدركون أنها غير مملوكة لحكومة صدام حسين، وإنما مملوكة لهم بالأساس»، جاء ذلك في مقابلة مطوَّلة أجريت معه في شقته بالعاصمة لندن، واستطرد قائلاً: «لقد فقدوا هويتهم ولم يعودوا يهتمون بأي شيء».

وبالنسبة إليه، يتضاءل هذا التدمير الوحشي الذاتي للممتلكات الثقافية العراقية عند المقارنة، بما ارتكبته عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي الذين حملوا المطارق، وانهالوا تحطيماً وتكسيراً على التماثيل القديمة التي يستحيل تعويضها. لقد أسفرت سنوات الحكم الديكتاتورية الطويلة، مع الحرب الضروس، والعقوبات الغربية الشديدة، عن انهيار المجتمع العراقي.

وكان تأثير هذه العقود المضنية على الفنانين العراقيين والأميركيين وغيرهم هو محل المعرض الكبير الذي يضم أكثر من 250 عملاً فنياً، في معرض «موما بي إس وان»، بمدينة نيويورك، حتى الأول من مارس (آذار)، تحت عنوان «مسرح العمليات: حروب الخليج العربي: 1991 - 2011».

تركز أغلب أعمال الفنان ضياء العزاوي من رسومات ومنحوتات على العواقب الوخيمة للحرب، ولقد أعار 11 من أعماله الفنية مع 28 قطعة من مجموعته الفنية الواسعة من الفن العراقي الحديث للمعرض. ولقد عمل معلماً مهماً للأجيال الشابة من الفنانين العراقيين.

ويمكن التماس الصبغة السياسية الواضحة في أعماله الفنية، بلمحتها القوية، والمؤثرة، والكاسحة التي تغمر المشاهد بمناظر العنف ومآسيه. وهناك أعمال أخرى أكثر تجريدية، تلك التي تجمع بين الألوان الزاهية، والحروف الأبجدية العربية، مع شظايا متناثرة من بقايا العصور القديمة، ومقتطفات من الشعر، التي تنقل رسالة معينة بين طياتها.

يقول ضياء العزاوي عن ذلك: «استعين بأشكال الخطوط لكي تكون جزءاً لا يتجزأ من الفن. ولا أستعين بها لقراءة اللغة العربية، بل إنها جزء من هويتي. كما أنها تعكس الأعراف الإسلامية المتمثلة في تجنب الفنون التصويرية الصريحة، أو أي لوحات مرسومة لصالح الكلمات المكتوبة».

وقالت ندى شبوت، أستاذة تاريخ الفنون في جامعة شمال تكساس، المتخصصة في الفنون العراقية، أن أعمال العزاوي الفنية دائمة الوجود.

وأضافت تقول: «إنها أعمال فنية جميلة للغاية، ولكن عندما تمعن النظر إليها، فإنك ترى التفاصيل تطالعك مع هذه الرسائل القوية التي تحملها الحروف الأبجدية، مما يمنحك شعوراً غامراً بالتحدي والممانعة».

وضياء العزاوي يبلغ من العمر زهاء 80 عاماً، يتحلى بشجاعة كبيرة، مع شعر أشيب ممتد، وشارب أبيض وكثيف، مع ضحكات مكتومة خجولة.

وهو من مواليد عام 1939 في وسط العاصمة بغداد، وترتيبه الثالث بين عشرة من الأشقاء. وكان والده يملك بقالة في بغداد. وبلغ العزاوي مرحلة الشباب في خضمّ الهياج السياسي الذي غمر العراق في خمسينات القرن الماضي، حيث كانت الانقلابات العسكرية تطيح بالملكيات العربية هنا وهناك.

وإثر انبهاره بفكرة ورؤية الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر عن القومية العربية، جرى طرد ضياء العزاوي من المدرسة الثانوية، حيث كان يدرس لتزعمه مظاهرة من الطلاب اعتبرت مناهضة للحكومة العرقية في تلك الأثناء. وفي جامعة بغداد، كان يقضي الفترات الصباحية في دراسة تاريخ حضارات بلاد ما بين النهرين، وفترات ما بعد الظهيرة في دراسة الفنون الأوروبية. ولقد حصل على درجة البكالوريوس في الآداب في علوم الآثار من جامعة بغداد في عام 1962، ثم دبلوم معهد الفنون الجميلة العراقي بعد ذلك بعامين في 1964.

وكان ضياء العزاوي يعمل لدى وزارة الثقافة العراقية، وبدأ من هناك في تنظيم المعارض الفنية في المتاحف، وأغلبها كان يدور حول علوم الآثار والحفريات الأثرية.

كما ساعد العزاوي في تأسيس مجموعة معنية بالسياسة من الفنانين الشبان. كانت مساعيهم تتعلق بتأصيل الفنون العراقية الحديثة بماضي العراق القديم، مع اتخاذ مواقف واضحة من الأحداث الإقليمية الجارية. وبحلول عام 1975، شعر ضياء العزاوي بأن العراق قد تحول إلى دولة ذات نظام حكم شمولي، حيث يخدم الفن فقط في تمجيد وتعظيم حزب البعث الحاكم ورموزه ورجاله. فما كان منه إلا أن انتقل إلى العاصمة البريطانية لندن، ولم يرجع للحياة في العراق منذ ذلك الحين.

وفي لندن، اعتبرته الأكاديمية الملكية للفنون من الفنانين المخضرمين والمتمكنين للغاية، ولم تدخر جهداً في قبول انضمامه إلى عضويتها. ولكي يغطي تكاليف الحياة هناك عمل ضياء العزاوي في المركز الثقافي العراقي، حيث كان مهتماً بتنظيم المعارض الفنية من مختلف أنحاء العالم العربي.

وفي عام 1982، بينما كان جيش الاحتلال الإسرائيلي يباشر سيطرته على العاصمة اللبنانية بيروت، تحركت الميليشيات في عمليات ذبح مروعة ضد المئات من اللاجئين الفلسطينيين في مخيمي صابرا وشاتيلا. وأصيب العزاوي بصدمة شديدة جراء تلك المذابح الدموية الفظيعة، التي كانت سبباً في خروج أول أعماله الفنية إلى النور، حيث رسم بانوراما فنية هائلة تحيط بالمذابح البشرية، تلك التي يملكها الآن معرض «تيت مودرن» للفنون الحديثة في العاصمة لندن. وقال إنه كان يرسم باندفاع محموم للغاية، ولا يفكر في صعوبة متابعة ذلك طيلة الوقت.

وقد كان العزاوي شديد الارتباط بالقضية الفلسطينية، التي تفاقمت كثيراً، إثر تدمير العراق، وقال عن ذلك بنفسه: «إنهم عرب، وأنا عربي مثلهم. ولكل فرد منا الحق في إعادة بناء تاريخه، وثقافته. كما لدينا الحق الأصيل في أن نكون جزءاً من العالم الذي يحتوينا ونعيش فيه جميعاً».

قد يهمك أيضا :  

دعوة لمظاهرة مليونية لسحب الشرعية من الأحزاب العراقية بعد التصعيد الأخير

"قوات سورية الديمقراطية" تنفي تعرُّض القوات الأميركية في حقل العمر النفطي لهجوم

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضياء العزاوي يُقدّم 250 عملًا فنيًّا في أحدث معارضه في ولاية نيويورك ضياء العزاوي يُقدّم 250 عملًا فنيًّا في أحدث معارضه في ولاية نيويورك



الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - مصر اليوم

GMT 09:41 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

"قطة تركيّة" تخوض مواجهة استثنائية مع 6 كلاب

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

هاشتاج مصر تقود العالم يتصدر تويتر

GMT 12:10 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رفيق علي أحمد ينضم إلى فريق عمل مسلسل "عروس بيروت"

GMT 03:39 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

مادلين طبر تؤكد أن عدم الإنجاب هي أكبر غلطة في حياتها

GMT 18:39 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

التفاصيل الكاملة لحريق شقة الفنانة نادية سلامة.

GMT 05:47 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على سعر الجنيه المصري مقابل الدينار الاردني الأحد

GMT 13:22 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

قائمة "نيويورك تايمز" لأعلى مبيعات الكتب

GMT 20:50 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

مقلوبة لحم الغنم المخبوزة في الفرن

GMT 22:32 2018 السبت ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

18 لاعبا في قائمة المقاصة لمواجهة إنبي

GMT 22:45 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

كين يكشف السبب الحقيقي للفوز أمام كرواتيا

GMT 02:56 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

عجائب الكون الُمهددة بالاختفاء من على سطح الأرض

GMT 10:38 2018 الجمعة ,07 أيلول / سبتمبر

اكتشفي الفوائد الصحية لإستهلاك البطيخ الأصفر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon