واشنطن ـ مصر اليوم
انتقد الكاتب الأمريكي بول وولدمان نُدرة التعرُّض بالتحليل لأخبار الحرب المشتعلة بين إسرائيل وغزة في وسائل الإعلام الأمريكي مقارنة بغيرها من الأخبار، ومنها على سبيل المثال تلك الواردة من أوكرانيا. ورأى وولد مان -في مقال بعنوان "المسؤولية الأخلاقية والصراع الإسرائيلي-الفلسطيني" نشرته مجلة (ذي أمريكان بروسبكت)- أن السبب في هذه الندرة يرجع في جزء منه إلى قلة المُحللين الأمريكيين الذين يجرؤون على القول صراحة أن كلا الطرفين يعاني بالتساوي في تلك الحرب، وهو القول الذي يجلب على صاحبه تهمة "خيانة إسرائيل". وأكد الكاتب أن الهرولة إلى المخابئ والخوف من الخروج هو شعور فظيع؛ لكنه يختلف عن الشعور الذي يخالج المرء عندما يعرف أنه عمّا قريب سيتم نسف أحد بيوت الشارع الذي يعيش فيه، وأن أهل هذا البيت لن يجدوا لهم مأوى غير العراء.. أو أن يسمع المرء نفسه عن منزل آخر بشارعه لقي ساكنوه مصرعهم عن بكرة أبيهم لدى استهداف منزلهم بصاروخ إسرائيلي. وقال إنه رغم صحة ما يقال عن أحقية أي حكومة في عدم التسامح إزاء استهداف مواطنيها بالصواريخ، إلا أن صواريخ حماس هذه لا تُسقط المسؤولية الأخلاقية عن كاهل إسرائيل فيما ترتكبه من دمار وإزهاق للأرواح. ونبّه وولدمان إلى احتجاج كل من طرفي الصراع دائما في معرض الدفاع عن أفعاله المنافية للأخلاق الإنسانية، بأن الطرف الآخر يفعل ما هو أسوأ من ذلك. وفنّد الكاتب الأمريكي هذا المنطق قائلا "إنه لم يكن مقبولا من المدافعين عن إدارة الرئيس السابق بوش الابن تبرير تعذيب معتقلي القاعدة بالاحتجاج بأن التنظيم يفعل بمعتقليه ما هو أسوأ من ذلك إذ يضرب أعناقهم.
وأسقط وولدمان على ما يحدث في غزة، قائلا إن صواريخ حماس لا تبرر أبدا أفعال إسرائيل في القطاع، لا سيما بعد بدء الاجتياح البري الذي من دون شك سيزهق أرواح مئات المدنيين الأبرياء ويزيد بؤس الآخرين المنتظرين. وتساءل صاحب المقال: "ماذا تفعل لو كنت صديقا لإسرائيل، ورأيت صاروخا إسرائيليا يستهدف أربعة أطفال يلعبون الكرة على أحد الشواطئ، أو يدفن أسرة تحت أنقاض منزلها؟ لن يكون أمامك غير عدد قليل من الخيارات: أن تدين الاستهداف، أو تقول إنه مجرد حادث، أو إنه أمر عادي في الحروب يُؤسف له ولا يمكن منعه.. لكن ما لا تستطيع قوله أبدا هو: "هذا أمر حسن لأن حماس أناس أشرار يستأهلون ذلك". واختتم وولدمان بالقول إن إسرائيل مسؤولة عما تفعل، شأنها في ذلك شأن حماس، وشأن كل طرف في هذا الصراع، مهما كانت أفعال الطرف الآخر.. لأن ذلك لا يُغيّر من وحشية ردّ الفعل.
أرسل تعليقك