البحر الأحمر - صلاح عبدالرحمن
مدرسة أبو الحسن الشَّاذليّ مدرسة "ابتدائيَّة إعداديّة" تقع على بعد 150 كيلو جنوب مدينة مرسى علم في منطقة جبليَّة لا يوجد بها أيّ مظهر من مظاهر الحياة المدنيَّة، ومحرومة من الخدمات الَّتي تحظَى بها أيّ قرية أو مدينة، ويسكنها البدو والعرب الذين لا يعرفون إلَّا مهنة الرَّعي، وفي الآونة الأخيرة عقب انتشار ظاهرة التَّنقيب عن الذَّهب في الجبال والوديان وسهولة استخراج خام الذَّهب لتوافره في هذه المناطق، انصرف الرعاة عن مهنتهم الرئيسية وتوجَّهوا للبحث عن الذَّهب لتحسين أحوالهم المعيشيّة المعدومة.
وقد شجَّع العائد المادّيّ من وراء هذه العمليّة المزيد من التلاميذ على التّسرُّب لجني المال من وراء التَّنقيب عن الذَّهب، حيث يحتاج الباحثون عن الذَّهب خلال رحلتهم للبحث عن الذَّهب إلى صِبية لمساعدتهم في تقديم المياه والطَّعام مما يستدعي أولياء الأمور إلى الاستعانة بأبنائهم في هذه الرّحلة الشاقّة والبعض الآخر يستعين بأطفال بالأجر لاصطحابهم خلال رحلتهم في الجبال بحثًا عن الذَّهب.
والمدرسة -الَّتي تفتقر لكل مقوّمات العملية التعليمية من أهمها السّور فضلاً عن بقيَّة الخدمات- تقع بجوار مسجد أبي الحسن الشاذلي، وتحيطها الجبال من جميع الاتجاهات، وهي عبارة عن طابقين الطابق الأوّل لتلاميذ المرحلة الأساسية والطابق الثاني للمرحلة الإعدادية، وإجماليّ عدد التلاميذ في المرحلتين 250 تلميذًا وتلميذة.
ويؤكِّد نجيب سلامة مدير المدرسة أن نسبة 40% من تلاميذ المدرسة تغيبوا منذ بداية العام الدراسي، وأن أولياء أمور التلاميذ يصطحبونهم معهم في رحلات البحث والتَّنقيب عن الذَّهب بالصحراء الشرقية أو تأجيرهم لعصابات التَّنقيب غير الشرعية.
وأضاف مدير المدرسة إن ظاهرة التسرب من التعليم في تزايد مستمر ما يهدد بعدم وجود تلاميذ بالمدرسة خلال السنوات المقبلة وأن عددًا كبيرًا من أولياء الأمور بدأ يضعف أمام ما يحصل عليه هؤلاء الأطفال والشباب من مقابل مادّيّ خلال عملهم في البحث عن الذَّهب.
وذكر مدير المدرسة أن بعض التلاميذ المتسرّبين للبحث عن الذَّهب يأتون بعد انتهاء رحلتهم وبحوزتهم مبالغ مالية كبيرة تصل إلى 200 جنيه مع كل تلميذ حصيلة عملهم في التنقيب عن الذَّهب خلال رحلة لمدة يومين، ويعتبر ذلك مبلغًا كبيرًا لتلميذ في المرحلة الابتدائية أو طالب في المرحلة الإعدادية، وأن ذلك الوضع يشجِّع بقيَّة التّلاميذ على الغياب والتسرُّب من التعليم للحصول على الأموال.
وطالب مدير المدرسة بتطبيق القانون على أولياء الأمور الذين يسرّبون أطفالهم من التعليم.
وفي زيارة للمدرسة طالب اللّواء أحمد عبد الله محافظ البحر الأحمر أولياء أمور الطلاب المتسربين من التعليم بإعادتهم إلى التعليم ووعدهم بإنشاء مدرسة ثانوية في القرية في حالة تركهم التَّنقيب عن الذَّهب وعودتهم إلى مدارسهم .
ووجه المحافظ رسالة إلى أهالي أبي الحسن الشاذلي فحواها: أنتم تضيعون مستقبل أولادكم بأيديكم، أعيدوا أولادكم إلى المدارس لكي يصبح لهم مستقبل وكيان.
وقرَّرت محافظة البحر الأحمر، مواجهة التسرب من التعليم في منطقة الجنوب بتحفيز الأسر على دفع الأبناء للدراسة من خلال حافز مادّيّ إضافيّ بجانب الإعانات الشهرية والمعاشات بصرف 40 جنيهًا شهريًّا لكل أسرة لديها تلميذ في الدراسة، وذلك للحدّ من التسرب من التعليم.
وذكر حسين الباز مدير عامّ الشؤون الاجتماعيّة في البحر الأحمر، أنّ الهدف من الحافز هو الاهتمام بالتعليم في الجنوب، وخصوصًا قرى وتوابع حلايب وشلاتين.


أرسل تعليقك