توقيت القاهرة المحلي 01:16:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مهد البيتزا والموتزاريلا وجارة أمالفي ترفع شعار "الفوضى المنظمة"

نابولي الوجه المتمرد في إيطاليا تجذب ملايين الزوار الباحثين عن الأصالة

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - نابولي الوجه المتمرد في إيطاليا تجذب ملايين الزوار الباحثين عن الأصالة

مدينة نابولي الايطالية
نابولي ـ مصر اليوم

منذ قرون، يردد أهلها: "حرام أن تموت قبل أن ترى نابولي". قول مأثور ذكره "غوتيه" في مؤلفه الشهير "رحلة إلى إيطاليا"، واستعاره كثيرون عنوانًا إما لفيلم سينمائي أو لأغنية، أو لنقشة على كل ما يخطر على البال من تذكارات. لكن ليس هناك ما يستدعي الاستعجال والموت، ففي هذه المدينة دائمًا جديدٌ يستحق المشاهدة، وقديم تحنّ إليه الذاكرة ويستحضره الخيال.

في بدايات القرن الثامن عشر، كانت نابولي، إلى جانب باريس ولندن، ثالثة الحواضر الأوروبية من حيث الأهمية في المعالم المعمارية، والتأثير في الحركات الثقافية والفنية، ومقصدًا لسياحة النُخب الاجتماعية التي كانت تتهافت على زيارتها أو الإقامة فيها.

لكن نابولي اليوم تبدو نقيض كل ما كانت عليه في الماضي من أناقة التنظيم وأرستقراطية العيش، وتجسد كل الأفكار السائدة عن الفوضى والعنف والعبث في الشخصية النمطية الإيطالية. ولعل هذه الصورة عن المدينة المتهالكة في العمران والبنى التحتية، المتلاحمة بفضل شبكتها الاجتماعية الوطيدة، هي التي تجذب اليوم ملايين الزوّار الذين يبحثون عن الوجه المتوحش المتمرد في إيطاليا. كما تجذب أيضا أعدادًا متزايدة من الفنانين والمبدعين الشباب الذين يبحثون فيها عن مصادر إلهام بديلة.

أقرأ أيضًا:

إليك أفضل الأماكن السياحية في مالطا خلال 2020 تعرف عليها

نابولي هي عاصمة إقليم "كامبانيا"، وثالثة أكبر المدن الإيطالية بعد ميلانو وروما. تنام عند سفح "فيزوف"، البركان الضخم الرابض فوق خليج المدينة، الذي يذكّر فورانه من حين لآخر بأنه في عام 97 قبل الميلاد طمرت حممه الثائرة مدينة "بومبيي" بأهلها ومبانيها. وهي أيضا المحطة الرئيسية على شاطئ "أمالفي" الذي يعد من أجمل المناطق الساحلية وأشهرها في العالم.

قبل بداية التجول السياحي في نابولي، من المستحسن تخصيص يوم على الأقل للتسكع في المدينة ومعاينة هذه الفوضى المنظمة التي تسيّر كل مرافق الحياة فيها. إنه السبيل الأسرع لكي ندرك أننا في مدينة إيطالية لا تشبه أي مدينة أخرى في إيطاليا، وأنه لا بد من التكيّف مع قواعدها للتمتّع بما يمكن أن تقدّمه لنا من مفاجآت ومتعة.

عندما كانت الإمبراطورية الرومانية في أوج عزّها، كانت العائلات الأرستقراطية في روما تتنافس في بناء القصور الفخمة على طول الخليج الذي يزنّر نابولي، تقضي فيها إجازاتها وتقيم الاحتفالات الصاخبة، كما يتبيّن من الآثار الكثيرة التي يُكشف عنها منذ سنوات، وينطلق منها أهل المدينة لاستعادة التقاليد القديمة، واستنباط الجديد منها.

كثيرة هي الكنوز الفنية والأثرية التي تنتظر السائح في هذه المدينة، من الوسط التاريخي الذي وضعته منظمة اليونيسكو تحت رعايتها بعد وضعه على قائمة التراث العالمي، إلى القصور المذهلة التي يعود معظمها إلى الحقبة التي كانت فيها نابولي خاضعة للتاج الإسباني طوال القرنين السادس عشر والثامن عشر، والكاتدرائيات التي تزخر بروائع فنية لا تحصى. ومن المباني التي تستحق أن تخصص لها زيارة منفردة مسرح دار الأوبرا "سان كارلو" الذي كان أوّل مسارح الأوبرا في القارة الأوروبية، والنموذج الذي اقتدت به المسارح الأخرى، وهو اليوم أقدم دار للأوبرا ما زالت ناشطة في العالم.

ومتحف الآثار هو محطة أخرى لازمة في زيارة المدينة، إلى جانب القصر الملكي والمباني المحيطة به بكثافة التي كان الهدف منها تأمين الحماية له. وفي قصر "كابو دي مونتي" توجد مجموعة من اللوحات الكلاسيكية التي يقل نظيرها في العالم.

لكن نابولي التي ما زالت تجد صعوبة في الحفاظ على تراثها الفني والتاريخي القديم الذي يتهاوى جزء كبير منه، أقدمت على تنفيذ مشاريع عمرانية حديثة استحقت الثناء والإعجاب، مثل مدينة العلوم التي استعادت مجموعة من المباني الصناعية القديمة، وقصر الفنون، ومتحف الفن المعاصر الفريد من نوعه في العالم الذي يقصده طلاب الهندسة المعمارية من كل صوب. ومن المواقع التي تشهد على حيوية الحركة الإبداعية في نابولي محطات المترو التي تحوّلت إلى صالات فنية لعرض أعمال الرسّامين والنحّاتين الشباب. وقد صنّفت جريدة "الدايلي تلغراف" البريطانية، مؤخرًا، هذا المترو على أنه الأجمل في العالم، لما يحويه من أعمال فنّية لكبار الفنانين المعاصرين في المدينة.

وهناك أيضًا مدينة تحت المدينة في نابولي، يعود حفرها إلى بدايات القرن السادس عشر لاستخراج الصخور البركانية لبناء القصر الملكي، ثم راحت الحفريات تتسّع لبناء خزّانات للمياه ودهاليز وممرات غالبًا ما كان يستخدمها المهرّبون، ولعبت دورًا مهمًا خلال الحرب العالمية الثانية في تخزين أسلحة الجيش الأميركي ومعدّاته بعد نزوله على شواطئ نابولي، ليبدأ منها حملة استعادة إيطاليا من القوات النازية.

ومن الزيارات المشّوقة في نابولي الأسواق الشعبية التي يتبضّع منها يوميًا أهل المدينة بأسعار في متناول الطبقة المستورة. فهي تعطي فكرة دقيقة عن نبض المدينة ومزاج أهلها، وتعرض أمام الزائر المأكولات والأطباق التقليدية التي اشتهر بها مطبخ المدينة. ومن بين المتاحف الكثيرة التي يزيد عددها على الثلاثين في هذه المدينة، لا بد من تخصيص زيارة للمتحف الوطني الذي يضمّ مجموعة من التماثيل الرخامية الفريدة من نوعها في العالم، إلى جانب مجموعة من المنحوتات الجريئة من "بومبيي"، تحتاج إلى إذن خاص وتحديد موعد لزيارتها.

ومع مرور الوقت، يدرك الزائر أنه رغم الصعاب والتناقضات التي تعاني منها كل المدن الكبرى، تبقى نابولي حالة خارجة عن المألوف، تنادينا كي نعيشها ونتمتع بها بكل حواسنا: الآثار والروائع الفنية التي تطالعنا عند كل زاوية، والصخب الذي يرافق أنشطتها المسرحية والموسيقية ومهرجاناتها طوال العام، والهوس الذي تجاوز كل الحدود بكرة القدم حتى رفع مارادونا إلى مرتبة القداسة، ناهيك من كونها مهد أشهر طبقين في المطبخ الإيطالي والعالمي: البيتزا والموتزاريلا المصنوعة من لبن الجاموسة.

نابولي هي أيضًا منطلق لزيارة مواقع كثيرة من أجمل ما يمكن أن تقدمه إيطاليا للسائح في منطقة ذائعة الصيت برومانسيتها ومناظرها الطبيعية الخلابة. مواقع على مسافة قصيرة من نابولي، مثل جزيرة كابري التي تغنّى بها الشعراء وغنّى لها المطربون وكانت مسرحًا لغراميّات شهيرة في التاريخ... أو قرية "بوزيتانو" التي تتدلّى كالعقد فوق الشاطئ، ويعدها كثيرون أجمل قرية في العالم... أو مدينة "بومبيي" التي تنام تحت رماد البركان الذي قذفها بملايين الأطنان من الحمم اللاهبة في القرن الأول قبل الميلاد، والتي ما زالت جوهرة أثرية تكشف لنا أسرار حياة الطبقة الأرستقراطية في الإمبراطورية الرومانية، وأنماط العيش فيها.

وعندما يتجول الزائر في شوارع "بومبيي"، ويرى منازلها ومبانيها الرسمية، يشعر بأن الزمن قد توقف يوم انفجر البركان، وطمرت حممه المدينة بمن فيها، وبقي كل ساكن في الوضع الذي كان عليه عندما فاجأته الكارثة. أجساد وأدوات مفحمة، وفسيفساء ورسوم جدارية ملونة، كأن السنين لم تمرّ عليها. وتشرف منظمة اليونيسكو حاليًا على مشروع لصيانة الموقع الذي يتعرض منذ سنوات للتداعي بسبب الإهمال، وتقوم بنقل القطع الأثرية النفيسة إلى المتحف الوطني، حيث توجد مجموعات من الأدوات المذهلة بإتقانها وفخامتها، مثل الأثاث المنزلي ولوازم الطهي والمعدات الجراحية.

ونختم زيارتنا بنزهة مسائية على الطريق البحري في حي "سانتا لوتشيّا" الذي يربطه جسر بالقصر البحري الذي يعرف بقصر البيضة، إذ يقال إن الشاعر فيرجيل دفن في أساساته علبة سرية، وضع فيها بيضة يُعتقد أن سلامتها من سلامة القصر والمدينة. لكن المهم في هذا القصر المطاعم الممتازة التي تقدم أطايب الأطعمة البحرية في نابولي، وحيث نتذكر أنه ليس بالبيتزا وحدها يحيا الإنسان.

وقد يهمك أيضًا:

"نيويورك تايمز" تبرز مصر كأحد المقاصد السياحية هذا العام

الساحرة "جربة" التونسية أهم المقاصد السياحية في البحر المتوسط

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نابولي الوجه المتمرد في إيطاليا تجذب ملايين الزوار الباحثين عن الأصالة نابولي الوجه المتمرد في إيطاليا تجذب ملايين الزوار الباحثين عن الأصالة



بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:31 2020 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

آندي روبرتسون يخوض لقائه الـ150 مع ليفربول أمام نيوكاسل

GMT 06:47 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد نهاية الجولة الـ 13

GMT 02:10 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

7 أسباب تؤدي لجفاف البشرة أبرزهم الطقس والتقدم في العمر

GMT 22:29 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

أحمد موسى يعلق على خروج الزمالك من كأس مصر

GMT 11:02 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرّف على أعراض التهاب الحلق وأسباب الخلط بينه وبين كورونا

GMT 03:10 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

زيادة في الطلب على العقارات بالمناطق الساحلية المصرية

GMT 22:14 2020 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

بورصة بيروت تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,21 إبريل / نيسان

خسائر خام برنت تتفاقم إلى 24% في هذه اللحظات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon