توقيت القاهرة المحلي 10:37:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كتاب لعالم بريطاني يؤرخ لجائحات المائة سنة الأخيرة

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - كتاب لعالم بريطاني يؤرخ لجائحات المائة سنة الأخيرة

كتاب لعالم بريطاني
لندن - مصر اليوم

داهمت العالم مرارا وتكرارا في المائة عام الأخيرة أوبئة مدمرة مثل الإنفلونزا الإسبانية والإيبولا والإيدز، وقد صدر للمؤرخ الطبي البريطاني مارك هونيجزباوم كتاب بعنوان ” قرن الأوبئة…مائة عام من الذعر والهيستريا والعجرفة” تناول فيه أوجه الشبه والاختلاف مع أزمة كورونا الحالية ووضع تحليلا للسبب الذي جعلنا عرضة لانتشار مثل هذه الأمراض على هذا النحو. ربما كانت جائحة كورونا الحالية بالنسبة لكثير من الأشخاص في أوروبا هي أول وباء أصابهم على نحو قوي وبشكل مباشر منذ فترة طويلة، لكن العالم ـ أو أجزاء واسعة منه ـ تعرض مرارا وتكرارا في العقود الأخيرة للأمراض المعدية مثل الإيدز أو سارس أو إيبولا أو زيكا. ويتعرض هونيجزباوم في كتابه الجدير بالقراءة للعديد منها حيث تشير كلمة قرن في عنوان الكتاب إلى الفترة الزمنية بين 1918 و2019.
ولا تزال جائحة سارس-كوفيد-2 محل دراسة وستظهر بعد قراءة الكتاب من منظور مختلف بعض الشيء. ويرجع ذلك بالدرجة الأولى إلى أن المؤلف لا يعطي مجرد لمحة عامة بسيطة ومتزامنة عن أوبئة مختلفة بل إنه يقدم توثيقا دقيقا اعتمد على بحث استمر على مدار عشرة أعوام لمسارات هذه الأوبئة، ومنها وصف الحالات الأولى المحيرة وأعمال التحري لبعض الباحثين في البحث عن سبب الوباء والطرق الخاطئة في التعامل مع الوباء وتأثير جماعات الضغط القوية التي تخوفت على امتيازاتها.
وتتسم أجزاء كبيرة من الكتاب بأسلوب أكثر إثارة من القصص البوليسية لاسيما وأن كل قارئ يضع نصب عينيه الموقف الراهن.
غير أن هونينجزباوم لم يكتب كتابا شيقا وحسب بل إنه أيضا كتاب ذكي للغاية؛ حيث يعرض فيه بشكل مفصل مدى الاختلاف الشديد بين الأوبئة الفردية وبعضها البعض، لكن الشاغل الرئيسي للكاتب هو إبراز تلك العوامل التي ساعدت على نشأة الأوبئة وأخفت كشفها وصعبت من مكافحتها، وثمة أوجه شبه كثيرة في هذا الشأن. وكتب هونينجزباوم أن ” كل هذه الأوبئة أظهرت مدى السرعة التي يمكن أن ينقلب بها العلم الطبي المعترف به رأسا على عقب مع ظهور حالات مرضية جديدة، ومدى النجاح الاستثننائي لمثل هذه الأوبئة في نشر الذعر والهيستريا والخوف طالما استمر عدم وجود نتائج معملية ولقاحات فعالة وأدوية ناجعة”.


وكثيرا ما صَعَّبَتْ التقديرات الطبية الخاطئة من فرص توضيح أسباب الأمراض، وساق الكتاب مثالا على ذلك بما أعلنه عالم البكتيريا الألماني صاحب التأثير ريشارد بفايفر (1858-1945) من أن الإنفلونزا الإسبانية عدوى بكتيرية، وأنه عثر على سبب هذا الوباء في بكتيريا المُسْتَدْمِيَة التي اكتشفها (هي جنس من البكتيريا تتبع الفصيلة الباستوريلات من رتبة الباستوريليات).
وفي غرب افريقيا ظل العديد من الخبراء وحتى منظمة الصحة العالمية في 2014 يرفضون على مدار فترة طويلة افتراض حدوث تفش لوباء إيبولا وما صاحبه من عواقب وخيمة. وفي مرض الببغائية (حمى الببغاوات) الذي سببته طيور في عام 1930، حَمَّلَتْ جمعية مربيِّ الطيور الأمريكية المسؤولية عن هذا المرض لخيال الصحافة، كما جاء مرض الإيدز كمثال على مدى السرعة التي يمكن بها لجائحة أن تصم أقلية.


يوضح كتاب هونيجزباوم مدى ارتباط الأوبئة بعوامل مجتمعية وطبية وتاريخية معاصرة، وجاء على رأس هذه العوامل بالنسبة للكاتب الجانب البيئي، لأنه بغض النظر عن الوباء سواء كان مرض الببغائية أو الإيدز أو الإيبولا أو سارس، هناك ظروف بيئية تسهل انتقال مسببات المرض من عالم الحيوان إلى الإنسان. كما أن الطريقة الحياتية للبشر هي التي يمكنها أن تهيئ لمسبب المرض التنقل سريعا حول العالم. ورأى هونيجزباوم أنه ربما كان للغطرسة البشرية دور أيضا في وقوع الأوبئة ونقل عن

الطبيب وعالم الميكروبات البارز رينيه دوبوا (1901-1982) قوله ” يعتقد الإنسان الحديث أنه ارتقى إلى درجة أصبح عندها سيدا كاملا على قوى الطبيعة التي شكلت تطوره في الماضي وأنه صار بإمكانه التحكم في مصيره البيولوجي والثقافي، غير أن هذا يمكن أن يثبت أنه وهم، فهو مثل كل الكائنات الحية الأخرى، جزء من نظام بيئي معقد للغاية مرتبط بكل مكوناته عبر أواصر لا حصر لها”.وثمة تشوق لرؤية الكيفية التي سينظر بها المؤرخون إلى الجائحة الحالية (كورونا) بعد مضي بضعة عقود.

قد يهمك أيضا

16 رواية في القائمة الطويلة لـ "البوكر" في دورة 2021

"كورونا" يؤجّل معرض القاهرة الدولي للكتاب إلى 15 تموز 202

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كتاب لعالم بريطاني يؤرخ لجائحات المائة سنة الأخيرة كتاب لعالم بريطاني يؤرخ لجائحات المائة سنة الأخيرة



GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon