لمواجهة ازمة النزوح السكاني الكبير منها على غرار سائر مناطق الريف الياباني، اطلقت مدينة ميشيما الصغيرة في جنوب غرب اليابان مبادرة جريئة: تقديم عجل او مبلغ 5 الاف ين نقدا (4660 دولارا) لكل شخص ينتقل للاقامة فيها.
الا ان الحملة لم تؤت بالنتائج المرجوة: فعلى مدى اكثر من عشرين عاما، وافق شخص واحد على الحصول على عجل... في البداية.
وقال يوجي مياتا المسؤول البلدي "انه من الصعب جذب الناس مع عجل واحد". كما ان المال النقدي لم يبل بلاء افضل.
وكما الحال في ميشيما، تتنافس بلدات اخرى في اليابان على تقديم افكار مبتكرة لاجتذاب سكان جدد.
وفي هذا الاطار، تقدم بلدة هيدا (وسط) 60 كلغ من الارز سنويا على مدى ست سنوات، في حين تتتيح بلدية نيكاهو (شمال) امكانية الدخول مجانا الى الـ"اونسن"، وهي الحمامات اليابانية الشهيرة للمياه الساخنة البركانية.
وعلى بعد 100 كلم شمال غرب طوكيو، تعرض نانموكو خدمات مجانية للعناية الطبية والمقصف، لكن ذلك لا يحقق النتيجة المبتغاة. وتشكو السلطات من "العجز في وقف النزف" السكاني.
وتحمل هذه البلدة رقما قياسيا سلبيا على مستوى الوطن، اذ ان 57 % من سكانها يبلغون 65 عاما وما فوق.
ونهاية حزيران/يونيو، بلغ عدد سكان هذه البلدة 2254 نسمة، وفي حال لم يبذل جهد لزيادة معدلات الخصوبة ووقف نزوح سكان الارياف، فإن عدد هؤلاء لن يتخطى الـ700 في 2040 بحسب تقديرات الحكومة.
وتشير الدراسات الاكثر تشاؤما الى ان عدد سكان اليابان لن يتخطى الـ86 مليون نسمة في 2060 مقابل حوالى 127 مليونا اليوم.
وهذا الامر مقلق: اذ ان تراجع النمو السكاني بات واقعا والاشخاص الذين هم في سن الـ65 عاما وما فوق باتوا يمثلون ربع السكان، وهي نسبة قد ترتفع الى 40 % في 2060.
وعلى السواحل الشمالية الشرقية للبلاد التي تعرضت قبل ثلاث سنوات لدمار هائل جراء زلزال وتسونامي 11 اذار/مارس 2011، لم يعد مرفأ ايوكاوا يشبه بشيء ما كان عليه في الماضي.
ويتذكر كينجي سوزوكي البالغ 77 عاما بعينين دامعتين رحلات صيد الحيتان التي كانت تشكل مورد الرزق الاساسي للبلدة. كان ذلك قبل حوالى نصف قرن.
وفي اوشيكا، المدينة التي تحيط بأيوكاوا، لا يوجد حاليا سوى 3280 نسمة، مقابل 14 الفا في 1955، بحسب احصائيات اقليمية.
ويفرغ الريف الياباني من سكانه، ومعدل اعمار سكانه حاليا يبلغ 65 عاما. كما ان الخدمات الاجتماعية باتت باهظة التكلفة بما يعقد مهمة صيانتها.
وبحسب مجموعة "جابان بوليسي كاونسل" الخاصة للدراسات، يمكن لنصف البلدات في البلاد ان تزول تماما بحلول 2040 بسبب النقص في عدد النساء في الارياف.
وينزح السكان الشباب الى المدن، خصوصا اوساكا وناغويا والى طوكيو ومنطقتها التي تعد لوحدها 35 مليون نسمة، اكثر من ربع سكان اليابان.
وحذر رئيس "جابان بوليسي كاونسل" الوزير السابق هيرويا ماسودا من ان "البلاد ستعاني اختلالا في التوازن، يجب السعي لحل هذه المشكلة الخطيرة اليوم وليس غدا".
وفي نهاية العام الجاري، يعتزم رئيس الوزراء الياباني شينزو ابي الكشف عن مجموعة تدابير سعيا لتخفيف حدة التراجع الديموغرافي في البلاد مع وضع هدف بجعل عدد السكان مستقرا عند عتبة مئة مليون نسمة في العقود الخمسة المقبلة.
كما تم استحداث حقيبة وزارية مؤخرا لاعادة احياء المناطق الريفية في اليابان.
وبحسب هيديو كومانو كبير الاقتصاديين في معهد "داي ايتشي لايف" للبحوث، لن يبقى سكان الارياف في مناطقهم ولن يعود اليها النازحون منها الا اذا تم اتخاذ "تدابير فعالة" لتنمية الارياف.
وقالت مونامي سوزوكي المتحدرة من منطقة اوتسوشي الريفية "لا اتصور كيف ستكون المدينة بعد 30 عاما".
أرسل تعليقك