توقيت القاهرة المحلي 02:10:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خوخة خوخة.. وبلشت الطوشة.. يا علي!

  مصر اليوم -

خوخة خوخة وبلشت الطوشة يا علي

حسن البطل

سألني الشاعر رأيي بمصر، فكان جوابي ان مصر تقوم بـ"تمصير العروبة" فنصحني الشاعر بـ"الباطنية" و"انّ المضمرة"، لأن كتاباتي، في عمودي هذا، تشي بمعاداتي القومية العربية!! الشاعر السائل تقديره "هو"، وصاحب عمود "أبجديات" الشاعر علي الخليلي، الذي جرني لساحة التراث والموروث، يحتمل الإشارة الصريحة "هذا". سيفي قصير في التراث والموروث الشعبي، ولربما هو سيف روماني في ساحة الوغى السياسية، وسيف عربي "مهنّد" في ساحة أُخرى، مثلاً. اللسان الشامي، بالمعنى السياسي - الجغرافي (الجيوبولتيكي)، يعني، وعلى المكشوف، أنا "سوري الهوى"، أو من تلاميذ المدرسة السورية القومية التي أرساها، عقائدياً، الشهيد أنطون سعادة، مؤسس "الحزب السوري القومي الاجتماعي". مع ذلك، كان لساني فلسطينياً (جليلياً) في قرى غوطة دمشق، وشامياً في بيروت. لكن، مذ وصلت رام الله، لا ينفك هذا وذاك من عامة الناس عن سؤالي "من وين أنت"؟ البارحة، صباحاً، كان جوابي على هذا السؤال، اشارة من سبابتي الى سقف السيارة (السماء)!.. وما صارت طوشة! قال لي ياسر عرفات، ذات مرة، في بيروت، وبلهجته المصرية: "ده أنت من معجزات شعبنا".. وفي قرية سردا، قالت عجوز شمطاء انني من علامات قيام الساعة "هاظا اللي ساتشين (ساكن) عند يامنه (آمنة) بيقرا وبيكتب؟ الدنيا آخر وكت". كنت اقلّب الجريدة دون ان اقلبها (يعني: منحني الله والترحال قدرة قراءة العربية، بالسرعة ذاتها، من كل زوايا الدائرة). فالعجوز حسبتني مخبولاً وأُمياً، أتظاهر بقراءة الجريدة، فلما قال لها القوم أن الأستاذ أستاذ، دقت صدرها، وصرت من علائم قيام الساعة! معليش! ألم يقل المتنبي "ان النفيس غريب حيثما كانا"! لا أحد يسأل زميلي علي الخليلي "من وين انت"، فمن لا يعرفه شاعراً يعرفه مؤلفاً في التراث الشعبي، ومن لا يعرفه مثقفاً، يسمعه يحكي مع الناس بلسان الناس. فهو "ابن البلد". صحيح انني ابن البلاد، ومثلي مثله (عدت بعد 5،74 سنة).. لكن، استوطنت لساني (في مكان حليمات تذوق الطعم الحلو مثلاً) لكنة شامية، وفي مكان تذوق الطعم الحامض لكنة لبنانية، وبقي حرف "القاف" الطيراوي - الدرزي المقرقر والفخيم القلعة الكؤود الصامدة من لغتي الاولى؛ لغة أُمي.. تمرمر زماني ولساني! كأي مثقف، تغلب على لساني العربية الفصحى، وكأني عربي يجيد لساني اللغة العربية الثانية، وهي اللغة - اللهجة المصرية، اكثر من اللهجات: الشامية، البيروتية - الجبلية، والفلسطينية ايضاً.. صرت ألقي تحية السلام "تْشْيفك" وارد على مثلها بجواب "على كيف كيفك"، وبفضل "تشيفك" الفلاحية في لواء رام الله، أيقنت ان معجزة اللسان العربي هي في قدرته على نطق كل ما يجري على ألسنة شعوب الأرض. اللسان المصري (تالياً، الأمثال العامية بذلك، اللسان) تغزو اللسان الفلسطيني الذي يغزوه ايضاً اللسان الشامي: "شامية وجاي من الشام، ومن الشام جايب شامية". سأعطي علي الخليلي مثلاً (فونياً) صوتياً قد يفيد في السجال الدارويني حول تطور القرد إنساناً. اذا اعطيت "شيتا"، وهي قردة طرزان (أيام كان الجميل جوني ويسلمر هو الطرزان) قرطاً كاملاً من الموز، فانها ستكشر (تضحك). تدق صدرها بقبضتها.. تهديك ثمرة جوز هند.. لكنها لن تقول "شكراً" بأية لغة، وبأي لسان. لماذا؟ اولاً: الإنسان مُعدّ وراثياً لنطق اللغة، لأن للبصير والكفيف نشاطاً دماغياً متشابهاً في حالتي القراءة البصرية والقراءة اللمسية (برايل). ثانياً: لغة البشر ذات ميزتين: ابداعية (الكلام عن كل شيء)، والثانية: مجردة. بينما لغة الحيوان "صيحة" ذات معنى محدد. وهكذا، فان القردة "شيتا" قد تفهم كلمة "شكراً"، لكن جهازها الصوتي لا يستطيع نطقها "خوخة خوخة بلشت الطوشة". بذلك، فان الإنسان هو "طفرة" القرد، وليس تطوراً طبيعياً مديداً له. على ذلك، فإن "توتة توتة خلصت الحدوتة" لا تعود موضع مبارزة في صدق نسبها الإرثي - الموروثي.. فلسطينية أكانت (كما يقول) أم مصرية (كما قلت) أم شامية.. فاللسان العامي يقوم بـ"الإبدال" و"التقديم" و "التأخير" و"التلحين".. وكأن كل مثل شعبي عربي سمفونية تعزفها اوركسترا فيليها رموتية عربية وباللهجة المحكية! لا أوافقك يا علي ان اللهجة الفلسطينية الصحيحة (وتالياً موروث الأمثال اللغوية)، نجدها في المدينة قبل القرية، نظراً "للتثاقف" اللغوي بين الحواضر العربية، ولان بلدتك نابلس (شامية شوي) وغزة (مصرية شوي) والخليل (بدوية شوي).. وصفد (شامية شويتين ونصف). كنت في وارد الكتابة عن عبقرية العامية، ووضع معجم مشترك للعاميات العربية، لان "ايمتى" أحسن من "أين ومتى"، و"بس" أحسن من "فقط" و"ليش" أحسن من "لماذا".. و"استنى" أحسن من "انتظر".. و"شاف"، و"قشع" و"شلونك" .. أو على العربي إتقان لغتين: عربية القرآن.. وعامية مصر. نقلاً عن جريدة الأيام

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خوخة خوخة وبلشت الطوشة يا علي خوخة خوخة وبلشت الطوشة يا علي



GMT 01:56 2024 السبت ,11 أيار / مايو

شعب واحد في بلدان كثيرة

GMT 01:53 2024 السبت ,11 أيار / مايو

من هو عدو العرب؟

GMT 01:48 2024 السبت ,11 أيار / مايو

من النهر للبحر... هناك مكان للجميع

GMT 01:45 2024 السبت ,11 أيار / مايو

الأسرة في قلب العاصفة

GMT 01:31 2024 السبت ,11 أيار / مايو

عالم الحروب وسلام «كانط» الدائم

GMT 01:28 2024 السبت ,11 أيار / مايو

اتفاق غزة... الأسئلة أكثر من الإجابات!

GMT 20:05 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

من أكثر تهوراً... البرهان أم «حميدتي»؟

GMT 19:57 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

اجتياح رفح لن يكون النهاية

نانسي عجرم بإطلالات خلابة وساحرة تعكس أسلوبها الرقيق 

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2021 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

مورينيو يرفض وضع توتنهام رهينة لكورونا

GMT 10:44 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

صيحات موضة البوت متناهي الطول من وحي النجمات

GMT 20:44 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

روجيه فيدرر يشارك في بطولة قطر المفتوحة للتنس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon