توقيت القاهرة المحلي 02:10:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رسائل الاستفتاء: البرتقال البلاستيك

  مصر اليوم -

رسائل الاستفتاء البرتقال البلاستيك

وائل عبد الفتاح

قالت الصناديق.. أو من حول الصناديق: الشيخوخة تلتهم الشباب. بالضبط كما فى فيلم المخرج البريطانى ستانلى كوبريك «البرتقالة الآلية». الشاب يخرج من مصحّة الترويض، وبعدما تسحب طاقته الحيوية ينتقم منه العجائز. يلتهمه جبروت شيخوخة تشعر بانكسارها أمام الزمن وسطوتها فى مجتمع خامل. المشهد مرعب.. الشاب بعد رحلة الترويض/ والعنف الطبى/ يتجمع حوله العجائز فى الطريق وكادوا يلتهمونه.. وهذا ملخص ما حدث منذ 30 يونيو، حيث أقيمت حفلات الانتقام من «الشباب» بمعناه المرتبط بالعمر أو بالروح الخارجة عن تواطؤات جعلتنا نتحمل الديكتاتورية والفساد والاستبداد أكثر من 60 سنة. بل جعلت أجيالا كاملة تتعامل مع الحاكم على أنه قدر، وأننا كما يروج تجار البضاعة الفاسدة فراعنة لأنكم لا تسيرون إلا بالكرباج. هكذا نحن غير مميزين إلا فى الإذعان والقبول بالذل والعار.. نحن الذين يغنى باسمنا مغنون وفرق التطبيل والنفاق بأننا أعظم شعب فى الدنيا. بمعنى ما أن مندوبى مبيعات الديكتاتورية ترى أننا عظماء.. لأننا مذلون ومهانون ونقبل أن نقبل أيادى الديكتاتور لأنه يتعطف علينا بالحكم. هذا العبث الخارج من أفواه أكلها العفن.. هو روح الشيخوخة الذى يريد التهام الشباب سر إنقاذ هذه البلاد يوم 25 يناير.. تلك الروح الشابة التى فاجأت الجميع بالاحتجاج الصامت.. الذى قال بمعنى واحد.. هذه لعبتكم فأكملوها.. وهذه دولتكم فكلوها أو اتركوها لمصاصى الدماء. الدولة خاصمت شبابها وتركتهم للضباع الذين أرادوا وراثة ضباع الإخوان.. أى أنها حرب ضباع على السلطة.. والمثير للغثيان أن كل فرقة ضباع تتخيل أنها بالتهامها الشباب ستكون هى المستقبل. فيلم كوبريك يحمل رائحة السبعينيات. وصراع شباب 68 فى أوروبا مع شيخوخة دول ما بعد الحرب العالمية الثانية.. والفيلم عن ماكينات الترويض.. العمومية.. تلك التى تمتص العصير من البرتقالة لتتحول إلى برتقالة بلاستيك، تشبه البرتقال، لكنها ليست إلا «برتقالة آلية..» كما أسميناها فى فيلم ستانلى كوبريك. ماكينات محترفة فى صناعة قطيع من «الآليين» منزوع منهم حق الاختيار، يسيرون وفق كتالوج من القيم والأخلاق والمشاعر يجعلهم مثلا يخافون من قرار إنهاء حظر التجول، لأن هذا يعنى أنه سيكون أمامهم الاختيار، وهم تعودوا على الخضوع للأوامر والتعليمات. كوبريك حكى عملية تحويل «اليكس» من زعيم عصابة ليلية تعتدى على استقرار مجتمع الاستهلاك البرجوازى التافه وقوانينه فى حماية الرفاهة البلاهة/ القاتلة… العنف ضد البرجوازية/ من تمثيلات ثورة الشباب التى كانت مثل موسيقى «بينك فلويد» هادرة بطاقتها المفككة لعلاقات الأسر والسحر بالبرجوازية… وتأخذك إلى حياة أحرى بترتيب جديد. فى المصحات تعرض الشاب إلى نزع كل طاقات الرفض.. وإعادته إلى السحر البرجوازى… إعادته ليكون إلى مواطن طيب يكره العنف، عبر ماكينات ترويضه فى السجن، أفقدته «حق الاختيار»، هل تغير الشاب المتمرد؟ أم أن إرادته سلبت ولم يعد أمامه إلا السير فى «الطريق الصحيح» من وجهة نظر المروض؟ تشعر بملامح «ثورة ضد الشباب..»/ وشيخوخة تطل من كهوفها لتلتهم الشباب/ أو ما منحه الشباب لبلد التهمته الشيخوخة/ وهى ليست ثورة بالمعنى الكامل/ لكنها حفلات عقاب على إزاحة النظام المستبد والفاسد. الشيخوخة التى سمحت لنظام منحط بالاستمرار 30 سنة تريد عقاب الشباب على التغيير وأن هذا التغيير وبعد عصر الليمون أتى بالمرسى.. ثم أسقطته بعد أقل من 12 شهرا. الصوت القوى فى الاستفتاء كان الصمت الذى كشف أن الدولة تسير بدون قاطرتها الشابة.. بدون روحها التى تحاصر بروح عدائية… تعيد بناء سور برلين بين الشباب والبلد. من يتحمل بناء أسوار برلين جديدة فى مصر؟ نقلاً عن "التحرير"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسائل الاستفتاء البرتقال البلاستيك رسائل الاستفتاء البرتقال البلاستيك



GMT 01:56 2024 السبت ,11 أيار / مايو

شعب واحد في بلدان كثيرة

GMT 01:53 2024 السبت ,11 أيار / مايو

من هو عدو العرب؟

GMT 01:48 2024 السبت ,11 أيار / مايو

من النهر للبحر... هناك مكان للجميع

GMT 01:45 2024 السبت ,11 أيار / مايو

الأسرة في قلب العاصفة

GMT 01:31 2024 السبت ,11 أيار / مايو

عالم الحروب وسلام «كانط» الدائم

GMT 01:28 2024 السبت ,11 أيار / مايو

اتفاق غزة... الأسئلة أكثر من الإجابات!

GMT 20:05 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

من أكثر تهوراً... البرهان أم «حميدتي»؟

GMT 19:57 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

اجتياح رفح لن يكون النهاية

نانسي عجرم بإطلالات خلابة وساحرة تعكس أسلوبها الرقيق 

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2021 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

مورينيو يرفض وضع توتنهام رهينة لكورونا

GMT 10:44 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

صيحات موضة البوت متناهي الطول من وحي النجمات

GMT 20:44 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

روجيه فيدرر يشارك في بطولة قطر المفتوحة للتنس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon