توقيت القاهرة المحلي 13:01:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شعب لغاية متفرج!!

  مصر اليوم -

شعب لغاية متفرج

بقلم - كريمة أبو العينين

يقولون، والعهدة على القائل، إن الشعب المصرى عن بكرة أبيه بعد أن طال صبره وضاق صدره ولم يعد قادراً على مواصلة طريق التنمية الذي طالبه به حاكمه، وطلب منهم أن يربطوا على بطونهم ويصموا آذانهم ويفكروا في الغد القادم برخاء ينعمون فيه هم وأولادهم وأجيال قادمة.

يقولون إن الشعب قرر أن يتبادل الأدوار مع أي شعب آخر يريد أن يكون مصرياً وأن تكون مصر بلده، وبالفعل أعلن عن ذلك في بيان رسمى، وكان المتقدمون كثر وتمت الاتفاقية التي نصت بنودها على أن مدة الانتقال خمس سنوات لا تمتد ولا تمدد.. وحزم المصريون كلهم أمتعتهم وحل محلهم شعب آخر، كان المصريون اختاروا أن يعيشوا في بلادهم. في أول يوم جاء الشعب البديل إلى مصر انبهر بكل ما فيها وسخر نفسه وطاقته على ازدهارها، وشكلت وزارة كل من فيها على علم بما كلف به وله باع وتاريخ في هذا العلم وحصاده، ومن أجل تفعيل الدور الحكومى اتفق مع رجال الأعمال أن يكملوا الدور الحكومى، ووضعت شروط قاسية جاءوا بها من بلادهم على من يقصر أو يهمل عمله، ساعات العمل كانت صارمة، الناتج كان موازياً لعملهم، ونسينا أن نذكر أنه قد سن قانون يقضى بإعدام الفاسدين والمرتشين في ميدان عام، وتغليظ الحكم على المسؤول بأن يتم إعدامه أمام أبنائه بعد أن يعترف هو بنفسه أمامهم بأنه فاسد أو مرتشٍ على حسب جريمته، وبأنه لم يضع في حسبانه أن جريمته ستضعه في هذه الوضعية الحقيرة أمام عائلته.

امتدت نتائج تجربة الشعب البديل في كل مناحى الحياة، وفى كل الأصعدة، وتم التركيز بصفة أقوى على التعليم والصحة، وتم وضع منظومة متطورة تخلق جيلاً صحيح البدن والعقل راغب في التعليم لكى ينتج وليس كما كان متعاملاً به من قبل بأنه يتعلم لكى يقولوا إنه تعليم عالٍ أو لكى تكون الخدمة العسكرية المسنونة عليه سنة واحدة لأنه حاصل على شهادة البكالوريوس أو الليسانس، كان الهرم التعليمى مبنيا على أساس حاجة العمل والسوق ورغبة المتعلم في التحصيل وأيضا متسقا مع طبيعة تفكيره العقلية ومدى تفاعله مع المواد الرياضية أو الأدبية.

تجاذبت كل الخطوات وتشابكت خيوطها وانعكست في الشوارع والمصالح الحكومية والمدارس والمصانع، صارت منظومة النظام والالتزام وسريان القوانين هي المهيمنة وبها اختفت من شوارع مصر ومدنها كافة السلبيات وأصبح من الطبيعى أن تجد مسؤولا يسير بلا موكب ولا مسيرة حاشدة، وأيضا أصبح من المعتاد أن يُظهر الإعلام المساوئ ولم تعد ظاهرة التطبيل موجودة من الأساس بل أصبح الضوء يظهر السلبى والإيجابى.. وعلى الجانب الآخر كان شعب مصر قد أرسى مراسيه في البلد الآخر، وبالطبع قادم بشكواه ومآسيه ونظرته إلى نفسه بأنه مضغوط ومتحمل، وأن العالم كله لا يعانى مثقال ذرة من معاناته.

استقبل حاكم البلاد المصريين وأطلعهم على حقوقهم وواجباتهم وأمهلهم شهراً يتكيفون فيه مع الوضعية الجديدة وبعدها ستسرى القوانين وتنفذ وهى لا تعرف فرداً فعدالة بلده عمياء لا تميز فقيراً عن غني ولا أميراً عن غفير فكلهم متساوون في الحقوق والواجبات، لم يأخذ المصريون هذا الكلام على محمله الجاد وأصبحوا يعملون في اليوم عشر دقائق وباقى اليوم إما في الصلاة أو الشات أو أي أي شىء لا علاقة له بالعمل، استطاع هذا الشعب أن يخلق في هذا البلد أسلوبا مصريا يعتمد على الفهلوة والجلوس على القهاوى وتضييع ساعات اليوم في الهلس والتسلية، حتى الأغنياء منهم لجأوا لأساليب ملتوية لزيادة أموالهم، وانقضى الشهر وجاءت ساعة المواجهة وبدأ التنفيذ الفعلى لمنظومة العمل التي لا تعرف سوى حجم الإنتاج والالتزام بالمواعيد وبالتعامل بشدة مع المخالفين وإقرار مفهوم الثواب والعقاب، يقال إن هذا الشعب الذي كان دائم الشكوى والتملص من تحمل المسؤوليات أصبح يُضرب به المثل في الجدية والتفوق والمثابرة.

انقضت السنوات الخمس وحانت ساعة العودة وأصبح الشعب المصرى البديل رافضاً للعودة والشعب المصرى الحقيقى متلهفاً لها، وعبثاً حاول المسؤولون إقناع المصريين البدلاء بالمغادرة إلا أنهم يبكون دماً ولا يريدون أن يتركوا مصر لأنها بلد لا مثيل له وأن كل ما فيها منفرد وأنهم على استعداد لفعل أي شىء حتى لا يتركوها وتتم عملية تفاوض تقضى بأن يترك في كل بلد من البلدين الجيل الصاعد ويبقى كبار السن كما هم كل في بلده ويتم التزاور وفق جدول رحلات وزيارات من الأجهزة العليا وتمضى السنون ويظل الحنين يملأ القلوب للعودة وبين كل هذا يستيقظ من قالوا هذه الحكاية من غفوتهم هلعين لمجرد تخيل أنهم سيتركون مصرهم بحثاً عن أخرى مهما كان فيها وبها من مال ورزق وفير.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شعب لغاية متفرج شعب لغاية متفرج



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 06:56 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر مناسب لتحديد الأهداف والأولويات

GMT 14:29 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

مؤمن زكريا يتخلّف عن السفر مع بعثة الأهلي

GMT 05:35 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

شوبير يفجر مفاجأة حول انتقال رمضان صبحي إلى ليفربول

GMT 13:45 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

ماكينات الـ ATM التى تعمل بنظام ويندوز XP يمكن اختراقها بسهولة

GMT 02:15 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على سعر الدواجن في الأسواق المصرية الجمعة

GMT 17:17 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الوطني يصل السعودية لأداء مناسك العمرة

GMT 16:08 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشاف تابوت يحوي مومياء تنتمي للعصر اليوناني الروماني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon