توقيت القاهرة المحلي 21:50:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

"يسمعون حسيسها" جحيم الطغاة على الأرض

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - يسمعون حسيسها جحيم الطغاة على الأرض

الدوحة ـ وكالات

هي جهنم إذن التي يمكن أن تتخيلها فقط عندما تقرأ رواية عنوانها 'يسمعون حسيسها' للروائي الأردني أيمن العتوم، تتحسس مواطنها وتصف جحيمها الأرضي وتلسعك نيرانها وعذاباتها. وتكاد تنصرف عن الجحيم الذي لا يحرق المعتقلين في أقبية طغاة سوريا بل يحرقك أنت أيضا باعتبارها مخيلة روائي، لولا أن السارد يذكرك أن لا مساحة للمخيلة في الرواية، فهي حقيقية.لا شيء يفعله العتوم الذي يصوغ شهادة الطبيب إياد سعد (السارد) رواية سوى حثّ اللغة لتقارب حجم المأساة، وهو يفعل ذلك باقتدار وفي تحد يواجهه بوعي، فلا تتحول الشهادة (الرواية) تقريرا صحفيا، بل عملا أدبيا إبداعيا لا تخييل فيه إلا ما تسمح به لغة تتسع مرونة مفرداتها، وسعة المعجم اللغوي للروائي، والاقتراب من المكون الثقافي للشاهد؛ للمجاورة بين شهادة حية وأدب لا يخدش الوقائع بل يكثفها.في إشارة أولى للسارد يلفت إلى صحة وصدق ما يرويه عن الجحيم الأرضي في معتقلات سوريا، وتحديدا المهجعين (27 و35) في سجن تدمر، داعيا إلى إكمال صفحات الحكاية 'ليس من أجلنا نحن الذين خرجنا أحياء من تلك المقابر، بل من أجل الذين قضوا شهداء وهم بعشرات الألوف إن لم يكن بالمئات'.في المهاجع تلك تناوب مئات الآلاف على ارتيادها في العامين 80 و81، وفي الساحات نزع فروات رؤوس المعتقلين، وإعدام الكثير، شنقا ورميا بالرصاص وتحت وطأة الخوازيق التي تنتهك الكرامة البشرية أولا وتزهق الروح معها.هذه لوحة من لوحات التعذيب التي تحتشد بها الرواية: 'أشار المحقق للجلادين أحنى أحدهم ظهر السجين وعراه تماما، وأمسك اثنان برجليه وثبتاهما جيدا، وجاء الرابع ليستلم الخازوق من المحقق، وضعه في دبر السجين وراح يضغط ببطء. ارتفعت صرخة السجين وراح جسده ينتفض، وتابع الجلاد إدخال الخازوق. صار الخازوق المميت في جزئه الخشن داخل دبر السجين، فعَلَت صرخاته واستغاثاته حتى بلغت عنان السماء، شعر الجلادون بالانتشاء علا الصياح أكثر، صار يسترحم.دفع الجلاد الخازوق بكل ما يملك من قوة وارتفعت صرخة التقاط ملك الموت من فم السجين، خار السجين وهو ينطفئ بسرعة، ثم أسلم الذبيح روحه إلى بارئها'.تلك لوحة من لوحات العذاب ليست الأقسى، فصنوف الجحيم تزدحم بها الرواية التي تقدم مشاهد تعذيب لا يكاد يحتملها البشر، وجهنم أيضا لا تتفتق إلا عن مخيلة شياطين الأرض، وفي روايات وحكايات سعد استجلاء لروح الجلادين الذين يصبح التلذذ بآلام البشر صنعة وحرفة لهم، كلها بتوجيهات السيد الرئيس صانع جهنم الأرضية ومبدعها.بيد أنه في خضم التعذيب تشرق حكايات ومفارقات عن السجناء واحتيالهم على حياتهم القاسية، ولوحات تفيض بها أقبية المعتقلات، فهذا قسطنطين المسيحي يتولى في السجن تحفيظ معتقلين مسلمين القرآن، ويتحفهم بعيون الشعر العربي، غير أنه يقضي بسبب سوء المعاملة بمرض التيفوئيد.17 عاما قضاها سعد وكثير من رفاقه في المعتقل بشبهة تهمة انتماء إلى الإخوان المسلمين، كان قد قضى شطر حياته الأولى يتلقى تعنيفا أبويا ليصبح طبيبا، وترك وراءه وقد اعتقل ابنة لم يرها إلا وقد أصبحت صبية، وطفلا كبر أثناء غيابه في المعتقل وأصبح مؤذنا.وربما كان لقاء سعد بطفله وابنته وزوجته في خاتمة الرواية هو ما يريح القارئ من أن كوة الحرية تنفتح أخيرا رغم العذابات الطويلة.رواية العتوم إضافة جديدة وضوء على عتمات السجون في تاريخ سوريا، تضاف إلى عمل مصطفى خليفة 'القوقعة' و'الورطة' لشريف الراس وشهادات فرج بيرقدار وياسين الحاج صالح وغيرهم عن ظلمات السجن وبشاعة المستبد.

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يسمعون حسيسها جحيم الطغاة على الأرض يسمعون حسيسها جحيم الطغاة على الأرض



الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:11 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

ماجد المهندس يعلن عن مشروع فنى جديد
  مصر اليوم - ماجد المهندس يعلن عن مشروع فنى جديد

GMT 00:46 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

خلطات طبيعية للشعر بمفعول الكيراتين

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

الإفتاء المصرية تؤكد أن إنفاق المرأة فضل منها

GMT 14:21 2012 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فلنتعلم من الطبيعة

GMT 22:24 2021 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

تقارير تكشف حسم ريال مدريد صفقة ديفيد ألابا مجانًا

GMT 05:05 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

بدء طرح كراسات شروط الإسكان الاجتماعي في مصر الأحد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon