دجال الصف

 استمرت أصوات الصراخ والعويل والاستغاثة، طوال 6 سنوات، في منزل "سيد.ع"، وسط خوف يسيطر على الجيران الذين فضلوا عدم الاختلاط بأفراد تلك الأسرة، لكنهم كانوا على موعد مع جريمة قتل دارت أحداثها داخل المنزل كشفت النقاب عن "دجال الصف".

وكشفت أجهزة الأمن في الجيزة ملابسات العثور على جثة شخص داخل مصرف الدلالة بقرية دبسا بالعياط، وتبين أنها لعامل "49 عامًا"، قُتل خنقا على يد زوجته وابنته وخطيبها، على بعد 50 كم من العاصمة، تقع قرية الشرفا بمركز الصف، جنوب محافظة الجيزة، لا صوت يعلو فوق جريمة الساعة "مقتل الدجال على يد زوجته وابنته وخطيبها"، منذ الوهلة الأولى التي تطأ قدماك القرية، تتبعك الأعين، يبادر أحدهم بالقرب من مقهى على حافة الترعة بالسؤال "انتم عاوزين بيت الدجال؟".

وأكّدت أم مصطفى، أن المجني عليه قدم إلى القرية منذ 6 سنوات، وقام ببناء منزل مكون من طابقين، رزقه الله بـ 3 بنات أكبرهن "حنان"، 21 عامًا، بالإضافة إلى شابين هما "أحمد" 23 عامًا، وإسلام 20 عامًا، ومع غروب الشمس، يغادر الحاج محمود مسكنه المواجه لمنزل القتيل قاصدا أرضه الزراعية "بقالنا 6 سنين ماحدش بيتعامل معاهم.. دول ناس لبش"، ويؤكد الرجل الأربعيني أن المشاجرات والمشاحنات لا تتوقف داخل هذا المنزل، "24 ساعة ضرب ورزع وشتيمة"، مشيرًا إلى أنه شدد على زوجته مرارا وتكرارا بعدم الاختلاط بزوجة المجني عليه، وتابع قائلًا "بتطلع وبناتها من الصبح وبيرجعوا بالليل بس ماحدش عارف بيروحوا فين!"، وتلتقط جارته الحديث "ساعة تقول عندها محل كوافير ومرة محل ملابس في مصر".

ويجلس مجموعة من الشباب ينظر أحدهم إلى المنزل "أول مرة البيت ده يبقى ساكت"، ليؤكد آخر أن نجلي المجني عليها كانا يحظيان بكره الجيران، خاصة أن أحدهما كان يتاجر في مسحوق الهيروين، وألقت الشرطة القبض عليه منذ فترة، بينما تسبب إدمان الثاني للمخدرات في دخوله إحدى المصحات للعلاج، ولا تزال تفاصيل تلك الليلة التي تعود إلى 5 أشهر ماضية عالقة في أذهان الجيران، عندما استيقظوا على أصوات صراخ وعويل مصدرها منزل القتيل "جرينا لقينا مراته وولادته مكتفينه في مدخل البيت ونازلين فيه ضرب"، ويؤكد صاحب ورشة صيانة سيارات أنه صُعق من المشهد "كانوا بيصوروه.. ولولا دخلونا كان هيموت في إيديهم"، لافتا إلى أن نجلي الضحية حررا ضده محضرا بقسم الشرطة "قررنا مش هندخل إن شاء الله يموتوا بعض"، وحسب رواية الأهالي، كانت تلك الواقعة نقطة التحول الأكبر في حياة "سيد"، وأصبح ظهوره أمرًا نادرًا "ماكناش بنشوفه.. كان بييجي بيته كل كام يوم".. يشدد صاحب محل بقالة أن "سيد" لم يتسبب في أي مشكلة بالمنطقة منذ قدومه "كان في حاله" لكن ظلت زوجته مثار شك الجميع "كانت بتساعد ابنها في تجارة البودرة".

واعتُبر مصدر الأموال التي استطاع من خلالها "سيد" شراء الأرض وبناء منزل وشراء سيارة "تاكسي"، محل شك لدى الأهالي "ما نعرفش جاب الفلوس منين؛ لأنننا مش عارفين ليه شغلانة"، يؤكد عامل بمحل أدوات كهربائية عمله بالفلاحة تارة، وأعمال المعمار "مبيض محارة" تارة أخرى، بينما يشدد سائق توك توك، على أنه تربطه علاقة صداقة بنجلي الضحية على أنه "كان شغال في الآثار وله في أعمال الدجل والشعوذة".

واستيقظ رسمي أمين، خفير لدى عمدة القرية، مساء الاثنين الماضي، على هاتف أحد الضباط، وطالبه بمقابلته بمكتب العمدية "سألني عن صاحب بطاقة وراني صورتها" يوضح "أمين" أنه علم هوية صاحبها من خلال صورته، وقاد قوات الأمن إلى منزله الذي لم يكن بداخله سوى "أحمد"، "المباحث قلبوا البيت على مرات سيد وبنته.. بس مالقوش حاجة" يؤكد الخفير أن نجل الضحية أخبرهم بأنها وشقيقته يتواجدان في منطقة المعصرة بمحافظة القاهرة، وتم ضبطهما واقتيادهما إلى قسم شرطة العياط، ثم ألقوا القبض على "أحمد" أيضا صباح اليوم التالي.

وحملت أقوال زوجة المجني عليه "سيدة م."، 41 عامًا، السابق اتهامها في قضية سرقة متنوعة، مفاجآت صادمة للجيران، حيث أكدت أنها تخلصت منه بمساعدة ابنتها "حنان" 21 عامًا، سبق اتهامها في قضية سرقة متنوعة، والتي استدعت خطيبها "محمد ه."، 27 عامًا، وأحضر حبلًا وقاموا بخنقه ولف الجثة ووضعها بالمقعد الخلفي بسيارة المجني عليه، وألقوا الجثة بمكان العثور عليها.

وأمام المقدم مروان الحسيني، رئيس مباحث العياط، أكدت المتهمة أن زوجها كان يردد شائعات عنها وابنتها بممارستهما للرذيلة مقابل أجر مادي، علاوة على إساءة معاملته لهما، ومطالبتهما بتوفير المال لتعاطي العقاقير المخدرة، وقيامه بأعمال الدجل والشعوذة، وسابقة تعديه جنسيا على ابنته وفض غشاء بكارتها.

وأكّد أحد جيران الضحية أنه سجل الأرض والمنزل والسيارة باسم زوجته، واشترى توك توك لأحد نجليه للعمل عليه لكنه قام ببيعه قبل أسبوع من وقوع الجريمة، ويؤكد مالك محل جزارة بالمنطقة أن الجناة ألقوا جثة الضحية بترعة مجاورة لمنطقة كان ينقب فيها عن الآثار حتى يتضح الأمر وكأن شركاءه تخلصوا منه، بينما يسود السكون الشارع بعد رحيل قاطني المنزل الذي ظل طوال 6 سنوات مصدرا للإزعاج والشكوى من قبل الجميع.