مع بدء موسم حصاد القمح في مصر هذا العام، ظهر الرئيس محمد مرسي وسط أحد الحقول ليقول إن إنتاج مصر من القمح لهذا الموسم سيزيد بنحو 30 % عن المواسم السابقة، وإن مصر على خطى تحقيق الاكتفاء الذاتي من هذا المحصول الاستراتيجي بعد أن كانت أكبر مستورد له. لكن بعد أن قام أكثر المزارعين بتوريد محصولهم، فإن خبراء الزراعة يشككون فيما أعلنه مرسي، وفيما إذا كان سيفي بتوقعات الحكومة، وربما يمثل ذلك ضغطا على ميزانية الدولة التي تسعى لتقليص وارداتها من الحبوب من أجل الحفاظ على ما تبقى من احتياطي العملة الصعبة لديها. ويقول هؤلاء إن حكومة مرسي لم تمس بدائرة كاملة من الفساد تتعلق بالسياسات الزراعية، تستفيد منها السوق السوداء وتزيد من صعوبة حياة الفلاحين الذين يكافحون نقص مياه الري اللازمة والسماد والوقود. ونتيجة ذلك، أصبح رغيف الخبر جزءا لا يتجزأ من عالم السياسة في مصر في وقت يوشك فيه مرسي على إنهاء عامه الأول في سدة السلطة. وواجه المصريون في الآونة الأخيرة نقصا في الوقود، وانقطاعا مستمرا في التيار الكهربائي ومياه الشرب، وارتفاعا في أسعار المواد الغذائية، ما أدى إلى اتهام خصوم مرسي السياسيين له ولأنصاره الإسلاميين بإساءة إدارة البلاد في بلد يعيش أكثر من 40 % من سكانه الذين تخطوا 90 مليونا تحت خط الفقر، ويعتمد كثيرون منهم على دعم الدولة لخبزهم اليومي. ويقول أحمد الشافعي رئيس الجمعية الزراعية في إحدى قرى مركز أبشواي بالفيوم جنوبي القاهرة، بنبرة استنكار: "اكتفاء ذاتي؟ هل تخدعوننا أم تخدعون أنفسكم؟"، نافيا كلام مرسي عن قفزة في إنتاج القمح، ومؤكدا على ارتفاع المحصول بالنسبة المعتادة وهي واحد أو اثنان بالمائة، مضيفا "بالله عليكم ما هو الجديد إذن؟". وسوّق مرسي الذي ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين زيادة محصول القمح على أنه إنجاز لسياسات حكومته. وقال في خطاب له بأحد حقول القمح الشهر الماضي، إن القفزة التي حققها الفلاح المصري في محصول القمح هذا العام هي نتاج "كده وعرقه وإيمانه"، مستشهدا بآية من القرآن الكريم "ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض". وأعلن وزير التموين باسم عودة أن وزارته جمعت من محصول القمح ما يكفي لصنع الخبز المدعوم لغاية شهر ديسمبر المقبل، وقد وعدت الوزارة التي تشتري المحصول من الفلاحين لاستخدامه في إنتاج رغيف الخبر المدعوم، بزيادة أسعار توريد القمح وبتوفير السماد وسلالات أفضل من الحبوب لتشجيعهم على التوسع في زراعته. لكن بعض الخبراء يرون أن تصريحات مرسي كانت لغرض سياسي. ويقول نادر نور الدين الذي عمل مستشارا لوزراة الزراعة في عام 2005: "غير المسبوق ليس زيادة الإنتاج وإنما المبالغة والأكاذيب. ليست هناك شفافية وإنما مجرد خداع، فالرئيس يعمل من أجل حزبه". وقال مرسي في الخطاب إن محصول القمح هذا العام سيصل إلى 9.5 مليون طن بزيادة تزيد على 26 % عن محصول العام الماضي الذي وصل إلى 7.5 مليون طن. لكن إحصاءات حكومية تشير إلى أن محصول هذا العام لن يتجاوز 8.7 مليون طن بما يعني أن الزيادة ستكون 16% فقط وليست 26% عن محصول العام الماضي. وتقول وزارة الزراعة الأميركية إن محصول هذا العام سيصل إلى 8.7 مليون طن، لكن نائب رئيس معهد المحاصيل بوزارة الزراعة المصرية أبو بكر أبو وردة، يؤكد أن الرقم النهائي لمحصول القمح هذا العام لن يتضح قبل انتهاء موعد المحصول في نهاية شهر يونيو الجاري، وسيعتمد على حساب المساحة المزروعة بالقمح وإنتاجية الفدان، وقد يتراوح إجمالي المحصول إلى ما بين 8 ملايين و8.5 ملايين طن. وتستهلك مصر ما بين 15 و18 مليون طن من القمح كل عام، تستورد منها ما يتراوح بين 8 و11 مليون طن يتم تخصيص 9 ملايين منها لإنتاج الخبز المدعم.