فقدت الليرة السورية نحو ربع قيمتها هذا الشهر أمام الدولار، وذلك منذ أن استولى مقاتلو المعارضة على مساحات واسعة من شمال شرق البلاد المنتج للنفط، وهو ما دفع مزيدا من السوريين القلقين بشأن الآفاق الاقتصادية لتحويل ما لديهم من عملة محلية إلى نقد أجنبي. وهبطت الليرة -التي يتم تداولها في سوريا والأردن ولبنان فقط، وغالبا في السوق السوداء- إلى مستوى قياسي منخفض عند 126 ليرة مقابل الدولار الأسبوع الماضي في السوق السوداء، وظلت قريبة من هذا المستوى هذا الأسبوع، وفق مصادر مالية محلية. وبعد أن ظلت الليرة مستقرة نسبيا لعدة أشهر، تراجعت بشكل حاد منذ استيلاء المعارضة المسلحة على مدينة الرقة في شرق سوريا بداية الشهر الجاري، ليسيطروا بذلك على معظم منطقة شمال شرق البلاد، حيث يوجد كل إنتاج البلاد من النفط ومعظم إنتاجها من الحبوب. وقال تجار عملة في دمشق إنه جرى تداول الليرة بما يتراوح بين 115 و120 ليرة مقابل الدولار أمس الأربعاء في السوق السوداء، بينما بلغ سعر الصرف الرسمي 97 ليرة مقابل الدولار. ويتعامل تجار العملة في الأردن ولبنان بالليرة السورية بأسعار قريبة من سعر السوق السوداء في سوريا، وبلغت في بعض التعاملات 126 ليرة للدولار. صعوبات ومن شأن استمرار هبوط الليرة أن يزيد الصعوبات التي يعانيها السوريون، حيث سيواصل معدل التضخم ازدياده الذي يبلغ رسميا حاليا نحو 40% وربما يكون أعلى بكثير من هذا المستوى، وفق خبراء مستقلين. وكان البنك المركزي السوري قد تعهد الأحد الماضي باتخاذ إجراءات لدعم العملة الوطنية، إلا أن ذلك لم يعد قائما -وفق مراقبين- في ظل حرص السلطات على الحفاظ على احتياطيها من النقد الأجنبي، ومنعه من الاستنزاف. وفي مقابلة مع التلفزيون السوري الحكومي قبل أيام، أرجع محافظ البنك المركزي السوري -أديب ميالة- هبوط الليرة في السوق السوداء إلى المضاربين، وإلى عوامل نفسية، وتعهد باتخاذ إجراءات لدعم العملة. ولم يفصح ميالة عن تفاصيل الإجراءات التي يعتزم البنك المركزي القيام بها لدعم الليرة، وأثار عدم اتخاذ أي إجراء هذا الأسبوع تكهنات بأن البنك سيسمح للعملة بالهبوط للحفاظ على الاحتياط الأجنبي من العملات الذي تراجع بشكل كبير، بفعل تراجع إيرادات السياحة والنفط، إضافة إلى جهود سابقة لدعم الليرة. ويعتقد بأن احتياطي سوريا من النقد الأجنبي كان قرابة 17 مليار دولار قبل بدء الثورة الشعبية في مارس/آذار 2011 ضد نظام بشار الأسد، ويقدر مصرفيون أن تلك الاحتياطيات تراجعت لأقل من أربعة مليارات دولار. ومن المفارقات أن الدولارات التي تشق طريقها إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة تساهم في منع هبوط سريع في قيمة الليرة.