الكتابة بالعامية تجربة ليست جديدة، لكنها تجربة صعبة، يخوضها فى كتابه الأول الكاتب الصحفي هشام يحيى حيث يحكي بالعامية المصرية 25 حكاية لم تخضع فى روايتها لأي شكل من أشكال الرقابة التي يمكن أن يمارسها مؤلف حين يحكي عن شخصيات معاصرة، وحين تكون الحكايات كاشفة لواقع بكل ما فيه من جماليات وزيف. يلجأ هشام يحيى في كتابه قبض الريح.. أيام وراحت" الصادر حديثا عن دار روافد لمساحات الصدق موقنا أنها أداة تواصله مع الآخرين، وحين يحكي عن شخصيات لها بريقها، فإنه لا يكترث بهذا البريق، أو ما كانت عليه أو ما أصبحت، هو لا يعنيه إلا نقل صورة عن واقع كانت تعيشه مصر، فيحكي ويحكي، ويكشف كواليس فى عالم الصحافة والفن، والواقع الاجتماعي، والجغرافي، عن مناطق فى مصر نظن أننا نعرفها بينما تكشف لنا الحكايات أننا لا نعرف سوى القشور، حيث يغوص بنا في عوالم أدفأ مما نظن، وأكثر وجعا مما ننتظر. لا يمكن تصنيف كتاب "قبض الريح.. أيام وراحت" ضمن تصنيف محدد فلا هو عمل روائي ولا مذاكرات ولا مقالات، ولكنه عمل يجمع كل هذه الأنواع فى متنه. وفي الحكايات الخمس والعشرين يجدل هشام يحيى الزمن فينتقل بين الماضي والحاضر في بساطة العامية التي اختارها لغته، مقدما جماليات خاصة معتمدة على حنين تصنعه الشخصيات بتفاصيلها. ولأنه يعتمد مبدأ الحكايات، يظهر المؤلف نفسه واحدا من الشخصيات، مقدما حكايات من نسيج الواقع، بشخصيات حقيقية من لحم ودم، ينقلها فى حميميتها، إلى الورق، في ما يقارب 400 صفحة من القطع المتوسط.