يقرأ كتاب (العشاق الثلاثة) لمؤلفه الدكتور زكي مبارك (1892 - 1952 ) الذي اعادت نشره حديثا سلسلة كتاب المجلة العربية بالرياض ، خصوصية القصيدة لدى ثلاثة من اشهر شعراء الغزل العذري في العصر الاسلامي . والشعراء هم : جميل بن معمر وكثير بن عبد الرحمن والاحنف بن قيس حيث جرى اختيارهم بوصفهم من اقطاب الشعراء الذين اتسمت قصائدهم بالجدية في العشق والحرص على كرامة الحب وقدسيته وعفافه، فالهوى لديهم بليغ يحفر في الوجدان بعيدا عن مرامي العبث والمجون . وقد اعلت قصائدهم من شأن العاطفة والتعلق بالحبيب وتمجيده رغم كل التحديات والصعوبات التي واجهتهم كونهم افصحوا عن سرائرهم بصراحة الواثق والامين وكانوا اصحاب مذاهب في التعبير والأداء في نأي عن تلميح مريب . يرى الكتاب ان فنية القصيدة تكمن في فطرة الاحنف وعذوبة الرقة لدى كثير والاغراب اللغوي عند جميل وهو ما انعكس على كتابات في مقامات الحريري وقصائد شاعر مثل ابي العلاء والبهاء زهير . ويبدو عنصر الوفاء ركيزة ثابتة لدى الشعراء الثلاثة ويتمظهر في بيئة فطرت على ايثار الغير، ومفعمة بتفاصيل التماسك الروحي العالق في قلب شاعر عاشق حيث لم يكن جميل يرى غير بثينة، ومثله كثير مع عزة . توزعت موضوعات الكتاب على ستة فصول متنوعة هي : الحب العذري، قصة جميل في الشعر والعشق، شاعرية كثير عزة، الموازنة بين كثير وجميل، شاعر العفاف والكتمان، والموازنة بين العشاق الثلاثة. بذل مؤلف الكتاب سنوات طويلة من الجهد في تتبع اثار هؤلاء الشعراء الافذاذ الثلاثة وذلك اثر رغبة وتكليف من صديقه عميد الادب العربي الدكتور طه حسين بانجاز بحثين ادبيين عن الشاعرين كثير عزة وجميل بثينة , وكان ان اضاف مبارك لهما الاحنف بن قيس كونه يشترك مع هذين الشاعرين في العاطفة نفسها.