تتضمن مجموعة الشاعر غانم بوحمود حدثتني المرايا قصائد نثرية حاول خلالها أن يعبر عن كثير من التحولات الإنسانية بأسلوب دلالي فيه وجود للطبيعة والبيئة كأدوات تخدم تعابير الشاعر إضافة إلى استنتاجات فلسفية توصل إليها الشاعر في تجاربه الحياتية. يرى الشاعر بوحمود أن الانسان من المفترض أن يعيش حياته بمحبة ومهما علا شأنه فالتواضع يزيده سموا وعلوا وكلما تحلى بالإيثار وحبه للآخرين والتضحية من اجلهم يزداد رجاحة وقوة وتعم المحبة والتسامح ويتماسك المجتمع كما جاء في قصيدة حدثتني المرايا لما انتهى الحكيم إلى أن يكون بينهم الأعقل. في نفسه.. لم يقل أنا الأعقل. ويكشف بوحمود في مجموعته أن المبادرة الإنسانية انعدمت وأصبح الانسان لا يحتمل أن يبادر باتجاه الانسان في أي عمل ينشد من خلاله الخير والمحبة لهذا نجد أن حركة الحضارة جمدت وان التطور بات عقيما ولن يتحقق الأمل ما لم تتغير حركة الناس وسلوكياتها يقول في قصيدة فسيفساء عاتبة يدعوك كي تقف أمام مرآته تدعوه كي يقف أمام مرآتك أحد منكما لا يبادر.. السنابل آيات الحقول المطاحن تشتعل انتظارا.. ولا سوى الثيران فوق البيادر وكما فعل الشعراء الفرسان يجد بوحمود أن كرام النفوس لا يلتقون أبدا مع الجبناء وبشكل عادي عندما تسمو النفوس ويحضر الإباء يحمل الجبان عتاده ويرحل باحثا عن أشياء تفيد خيبته لان الحب هو حالة عظيمة تتوحد فيها كل الصفات النبيلة ويسلك صاحبه دائما دروب الكرامة يقول في قصيدة عندي من الحب ما تشتهي الشمس إيقاع الخلود.. دعها تستيقظ بين يديك ينهض العشب من غفوته .. يلبس أحلامه المزهرات شاهد الوقت قال.. لا مكان للجبناء.. حيث ألقي شباكي. وللشاعر بوحمود رؤية عميقة في نفس الانسان الذي يحاصره القهر والشقاء ويدفعه الشرود والتفكير للمقارنة بين ماض وحاضر فلا يمكن أن يرتاح ابدأ ما لم تف الدموع بوعدها وتتدحرج ذاهبة لتسقي الأرض حيث هي أهم ما يمكن أن يستحق هذه الدموع ويستأثر بها كقوله في قصيدة حالات مدامع ما أخلفت وعدها.. إذا ضج في مقليته سفر أسيرات وجدن إذا ذكرن.. بوحي تجل وسفر هطول فتى.. ما اشتهى .. إليك انتهى ... ضمير تراب ... أقنوم ضوء وتظهر في مجموعة حدثتني المرايا كثير من العوامل والظواهر الفلسفية الملونة بإحساس شعري يتدفق ليغمر الكلمات ويحولها الى دعوة للمحبة وفق حتمية وجود أشياء حتى داخل الفراغ الذي لا يراه الانسان لافتا الى أن أهم ما يمكن أن يفعله الانسان أن لا يضيع الحب من داخله تحت وطأة الغربة يقول في قصيدة قالها ثم انطفأ كن رسولي أيها الغائب عني ليس طبعي أن أجافي .. كيف تهرب مني.. إن في اللاشيء شيء. ويوضح الشاعر بوحمود في قصائده أن القوة تتمثل في البحث عن الحياة الكريمة وان من يعمل من اجل لقمة عيشه يكون كريما وعزيزا حيث مثل القوة بالقمح عبر استعارة مكنية تحمل كثيرا من الدلالات التي تهده للعيش النزيه والكريم يقول في قصيدة بخيلة بثمارها الأصابع .. تستهتر الريح بأوجاعها قمحي من الصقيع أقوى .. ومن جحود الضمائر أمر من لن يبيض وجهي رحمة بالرغيف يعتمد الشاعر على الومضة الشعرية المبنية على حدث ما انتقاه من واقع اجتماعي حيث تمرد على تفعيلات الخليل واختفى ببعض الحركات المؤدية لموسيقا داخلية احتفت بها عاطفة إنسانية ملونة بالصور أو امتزجت في بعض مواطن المجموعة برؤى فلسفية كقوله في نص فسيفساء عاتبة اشته ما تشتهيه .. يأتي يوم وترى إنه الوهم تماما .. كل ما فوق الثرى يذكر أن الكتاب من منشورات دار الغانم للطباعة يقع في 133 صفحة من القطع المتوسط.