يتقصىَّ كتاب" الأصول والفنون"، للباحث السوري نصر أبو إسماعيل، أصول الشعر الشعبي الغنائي، وفنونه المصوغة باللهجة المحكية المروية، شفهياً في جبل العرب في سوريا، منذ استقرَّ فيه أسلاف سكانه الحاليين، وحتى العصر الحاضر. ويبين المؤلف أنه سُمِّي بالشعر العامي أو الشعبي لأنَّه يُنظم بلغة عامَّة الشعب ويعبِّر عن أفكارهم وأحاسيسهم. ولا مسوغ للذهاب إلى أنَّ في هذه التسمية رمياً له بالدونية، ومهما يكن الرأي المرجِّح حول تسميته، فهو شعر عربي أحدث بلغة القوم غير المعرَّبة. وما جاء من فنون هذا الشعر من مغرب الوطن العربي ومن مشرقه، يصب في محيط واحد، هو محيط الشعر الملحون، أو الزجل أو النبطي تعميماً. أو العامي أو الشعبي، وجميعها أسماء لمسمَّى واحد. ومن قواعد كتابة هذا الشعر، ضرورة الابتعاد عن استعمال حركات الإعراب والبناء. وسمُّوا وجودها هجنة أو تزنيماً. والتزنيم يعني الهجنة أو عدم الصفاء، وتجنب استعمال الألفاظ الفصيحة، ذلك باستعمال الألفاظ العامية، وترك استعمال أدوات النحو المتخصصة: (السين، سوف، كاف التشبيه، إذا، ثم، إلخ ..). وغير ذلك الكثير. ويؤكد أبو اسماعيل أنَّ أهالي جبل العرب يهتزون طرباً للشعر، ويرون فيه خير وسيلة للنهوض بالمشاعر والأفكار، موضحاً أنَّ أنواع الشعر الشعبي متنوعة: المنظومات المتأثرة بالملاحم والسير الشعبية، الفنون الوافدة مع المهاجرين الأوائل (وهي التي جاء بها المهاجرون إلى الجبل من مواطن سكناهم الأولى، ولا سيما لبنان وفلسطين) وهناك الزجل بأنواعه، والذي يصلح للإلقاء، غير أنه يصبح أكثر حرارة حين يُغنى على المنابر، وتضج به الساحة إذ أنَّ غناءه يأخذ صفة التحدي بين شاعرين وجوقتين. وحينذاك تلتهب الدفوف في أيادي المشاركين، وتعلو أصوات الغناء، ويلتف حول كل شاعر جوقته وجمهوره، يناصرونه ويشجعونه ويذكُّون فيه نار الحماسة، حتى تغرق الساحة بالغناء والانفعال والطرب والرقص والفرح الغامر وتوجد فنون شعرية تلازم الغناء وترافق الدبكة أو الرقص أحياناً، مثل : أبو الزلف، ويسمى أم الزلف والمولية أيضاً والزلف في عامية الجبل: الشَعر أمام الأذن، والزلف في معاجم اللغة: جمع زلفة وهي المرأة والروزانا، وأغاني الهولية (المشبك)، الزغرودة: وهي أهزوجة تؤديها النساء تفريداً، مثل زغاريد العروس: أويها ..أهلا وسهلا يلِّي جاي لعنَّا أويها..إنتي أصيلي وبيدك زهرة الحنَّا أويها..سألت رب السما العريس يتهنا أويها..تعيشي بسعادي وتمضي العمر عنَّا لو لو لو.....لي. كما أن هناك غناء الميجانا، وأيضاً الدلعونا.. وهو غناء موجَّه إلى المرأة المدلَّعة ذات الغنج والدلال، وتصحبه دبكات حماسية على أنغام الشبابة أو المجوز. والهويدلي، وهو نوع من الغناء الجماعي المرافق للدبكة الشعبية، والهيدلة في القاموس: الحداء. والهويدلة تصغيرها . والهديل: صوت الحمام. وهناك أشعار الأغاني الراقصة، إلى جانب العتابا،. وهي التي انتشرت في أرياف دمشق.. ولعل أنغام الربابة الشجية أكثر الألحان وفاقاً للعتابا. ومن الفنون الشعرية التي أخذها أهل الجبل عن جيرانهم في سهل حوران: الأشعار الصالحة للإنشاد والغناء. الأشعار الملازمة للغناء: الجوفي، الحداء، منظومات السحجة. والهجيني هو شعر منسوب إلى الهجين وهي الناقة. لأنه يُغنَّى على ظهور الإبل لتناسب إيقاعاته مع مسيرها. وربما يغنيه الفرسان. وهناك الجوفي. وهو شعر ملحون ذو لحن حماسي استعراضي، يشعل النخوة والحمية في الصدور، ويعد من الأغاني الميدانية التي تؤدى وقوفاً أو مع المسير بمناسبات الحماسة والفرح، والتسمية توحي بانتقاله من منطقة الجوف في شبه الجزيرة العربية.  المؤلف في سطور  نصر أبو إسماعيل. باحث وكاتب سوري. متخصص في الأدب الشعبي. لديه دراسات ومؤلفات متنوعة في الحقل.  الكتاب: الأصول والفنون/دراسة تأليف: نصر أبو إسماعيل الناشر: وزارة الثقافة - دمشق 2012 الصفحات: 224 صفحة القطع: الكبير