سبايا سنجار

مدفوعا بالغضب مما آل إليه واقع الحال في سوريا والعراق، ومسكونا بالنقمة على السياسات التي أدت إلى تفتيت المنطقة وتشريد أهلها وتدمير حضارتها وتشويه معالمها التاريخية ينسج السوري الكردي سليم بركات (1951) أجواء روايته "سبايا سنجار" ويصور فيها جزءا من الدمار الذي حل ببلدة سنجار وأهلها الإيزيديين، خاصة من النساء اللائي تم أسرهن وسبيهن على أيدي عناصر تنظيم الدولة الإسلامية.

يكتب بركات المقيم في السويد منذ سنوات روايته (2016) بطريقة مباشرة لا تحتمل تأويلات كثيرة عن يأس التاريخ، عن مكره القاسي بالشعوب، عن الذهنية الطائفية التي تقود حاكم سوريا بدعم من الولي الفقيه الذي جمع مليشياته الطائفية من عدد من الدول لمحاربة السوريين الثائرين، والرئيس الروسي بوتين الذي يسميه "حفيد راسبوتين" والذي يحاول بناء أمجاد مأمولة على أنقاض أمجاد ماضية.

يحكي صاحب "فقهاء الظلام" على لسان راويه الرسام التشكيلي سارات الذي يسرد يومياته عن حنينه وولعه ببلده الذي رحل منه منذ بداية سبعينيات القرن الماضي، لكنه ظل مسكونا به وبقضاياه ومستجداته، خاصة بعد الثورة التي تم تحويلها لحرب شرسة ضارية يخوضها النظام وأعوانه على الشعب الثائر، ثم تدخل أطراف دولية كثيرة وتحول البلاد لساحة حرب مفتوحة.

يجري بركات تداخلا بين التشكيل والأدب من جسر الخيال ويجمع أرواح عدد ممن قتلوا بطرق مختلفة في العراق وسوريا في عالم ما بعد الموت الذي ينفتح على سجالات سياسية وفكرية وتاريخية بين أطراف كانت متناحرة ومتقاتلة تقدم افتراضاتها ورؤيتها السابقة وتحامي عنها، وتستعيد مفارقات من حياتها الماضية قبل الموت وما كانت ترزح تحته من جنون.