صدق من قال حال الثقافة من حال البلاد وهو ما يحدث بالضبط في الجزائر، ولما نتخذ من خشبة المسرح وسيلة لتمرير رسائل فلنقرأ السلام على أب الفنون. بهذه العبارات نختصر افتتاح المهرجان الوطني للمسرح المحترف في الجزائر والذي كانت السمة البارزة فيه سوء التنظيم الذي يزداد كارثية وسوءاً من طبعة لأخرى، وكأن القائمين عليه لا يستفيدون من التجارب السابقة. نفس الأفكار عادت أثناء متابعة عرض افتتاح الدورة الثامنة للمهرجان الوطني للمسرح المحترف، حيث اتسم العرض الافتتاحي للمخرج أحمد خودي بالكلاسيكية لما يشبه التركيب الشعري، بطريقة تفتح أبواب التساؤل عن دور المخرج في العمل، الذي بدا عاريا من أية درجة من الاقناع، وفاشلاً في استفزاز مشاعر المتفرجين رغم لعبه على وتر الثورية. العرض المقدم بعنوان "العهد" والذي جسده ركحيا ممثلون شباب بالإضافة إلى الممثلة القديرة فتيحة سلطان، هذا العرض لم يلق إعجاب الجمهور والنقاد الحاضرين، وتناول هذا التركيب مختلف المراحل التاريخية التي مرت بها الجزائر منذ أن وطأت أقدام المستعمر أرض الوطن سنة 1830 مروراً بالثورات الشعبية وصولاً إلى سنوات الكفاح المسلح والثورة الجزائرية. كما عرفت أمسية افتتاح هذه الطبعة التي حضرتها وزيرة الثقافة خليدة تومي التي ارتأت عدم الظهور في خطوة لم يسبق أن قامت بها هذه الأخيرة والتي دأبت في كل مرة على تكريم الفنانين، تكريم أسماء فنية عربية في صورة الممثلة المصرية سوسن بدر وعواطف نعيم من العراق وكذا دليلة مفتاحي من تونس. ومن جهة أخرى كرمت إدارة المهرجان فنانين جزائريين على غرار الممثل بن يوسف حطاب ومصطفى برور وريم تاكوشت ويوسف مزياني وحميد لوراري  وأحمد قادري ومصطفى عياد و داودية خلادي وحسان بن زراري ومينغاد أمال، بالإضافة إلى الناقد المسرحي محمد كالي. وكل هذه الأسماء لها باع طويل في مجال الفن وساهمت في إثراء المسرح الوطني الجزائري. مهازل حفل الافتتاح تواصلت مع الرئيس الشرفي للمهرجان الذي قدم كلمته الافتتاحية بأخطاء فادحة في اللغة العربية  فتحولت الكلمة إلى حصة تهجية. الأمر الذي جعل السيل يبلغ الزبى هو استغلال الخشبة لتمرير رسالة “غير مسرحية” بغض النظر عمن توجه إليه فهي خطيئة لا تغتفر. صحيح أن المسرح مؤسسة وطنية، وهذا أمر مفروغ منه وقد ظهر من خلال صورة الرئيس التي احتلت مكاناً على الخشبة وهو أمر مقبول من الناحية الشكلية، لكن هذا لا يعني أن يتحول إلى منبر لتعاطي السياسة خارج العمل المسرحي.