ترى ما العلاقة بين الشاعر وزوجته وكيف حال الحب مع الشاعر؟!.. دافيد بارك مؤلف هذا الكتاب الجديد "زوجات الشعراء" يبحر في البرزخ الفاصل والرابط مابين الواقع والخيال ويطرح أسئلة كبيرة وهامة من قبيل :"ماهية الأدب ومعناه فيما يطرح شخصيات حقيقية ويصنع شخصيات من نسج خياله !.وإذا كان الشاعر المصري الراحل أمل دنقل له انتقادات على مدرسة الرومانسيين في الشعر تصل للرؤية الشعرية ذاتها ناهيك عن المفهوم الرومانسي للعلاقة بين الرجل والمرأة، موضحا أن هذه العلاقة ليست معزولة عن الواقع الاجتماعي فان هذا الكتاب الجديد يبدأ بشاعر رومانسي هو ويليام بليك. وكتاب "زوجات الشاعر" للكاتب والروائي والناقد الايرلندي الشمالي دافيد بارك يتناول ثلاث نساء عبر العصور ويمنح القاريء الكثير من المتعة والمشاعر الحميمية والطرافة أيضا حيث وصف الشاعر الرومانسي ويليام بليك في قصيدة له الزواج بأنه "مركبة تحمل اكفان الموتى"! .ولعل أفضل أجزاء هذا الكتاب الجديد هو الجزء الأول الذي اعتمد على ماكتبته كاثرين زوجة الشاعر ويليام بليك التي سعت لتخليد زوجها بقناع وإن كانت قد اخفقت في أن تحقق حلمه في الأبوة. ومتحف "تيت" اللندني الشهير مازال يعرض بكل الاعتزاز "القناع" الذي ابدعته كاثرين لزوجها الشاعر ويليام بليك فيما أطلق المؤلف دافيد بارك العنان لخياله حول اللحظة التي قررت فيها زوجة الشاعر أن تبدع هذا القناع وتمنحه قبلة الحياة وبالطبع كيف اقنعت زوجها بوضع الجص على وجهه ثم تغسل الوجه الشاعر بالماء الساخن لازالة آثار الجص!. بالطبع الخيال هام في هذا النوع من الكتب والافتراضات لازمة لأن التاريخ حافل بالفجوات التي تتطلب التفسير لكن السؤال هنا عن مدى اقتراب الافتراض من الحقيقة والخيال من الواقع وهو سؤال اشكالي على كل حال وقد يؤدي فشل الاجابة عليه لظهور زوجة غير الزوجة وشاعر غير الشاعر!.انها المنطقة الخطرة في هذا النوع من الكتابة ومن هنا تساءل بعض من عرضوا لهذا الكتاب الجديد في الصحافة البريطانية عن مدى دقة ماذكره المؤلف حول الألم الذي اعترى الشاعر ويليام بليك لعدم تحقق امله في ان يكون ابا وافتراضه ان كاثرين اقدمت على اجهاض نفسها مبكرا حتى باتت بعد ذلك غير قادرة بالفعل على تحقيق حلم بليك في الأبوة ليرفض الشاعر بعدئذ جسد الزوجة التي وئدت حلمه. انها قصة امراة ليس بمقدورها ان تقرأ رسائل الحب للشاعر حتى يخبرها كيف يثق بصورة مطلقة في صدقية رؤاه وماذا عن رفقة العمر مع الحبيبة تحت سقف منزل واحد..هذا شاعر ينطلق من مفاهيم رومانسية وعلاقات مثالية ولم يعرف النضال ضد الاحتلال النازي مثل ايلوار او الانتماء لمدرسة فنية معقدة مثل مجموعة السيرياليين التي انتمى لها اراجون .والشاعر الانجليزي ويليام بليك ولد يوم الثامن والعشرين من ونوفمبر عام 1757 وقضي في الثاني عشر من اغسطس عام 1827 وهو الى ذلك رسام ونحات فيما اعتبرات اعماله علامة فارقة في الشعر والفنون البصرية للعصر الرومانتيكي. ومن اهم اعماله الشعرية :"اغاني البراءة" و"زواج الجنة والجحيم" و"القدس" و"الى الخريف" وقد عانى كثيرا من شظف العيش فيما تميز شهره بحساسية عالية وخلق تفاعل بين الانسان والطبيعة ويقول نقاد ان اعماله شكلت حجر الأساس للرومانسية في الشعر فيما كان للشاعر المصري الخالد امل دنقل ان يصف الخيال الرومانسي بأنه "خيال فيه نوع من التورم السرطاني في اتجاه الانعزال واقامة عالم ليس له علاقة على الاطلاق بالواقع.