صدر أخيرًا للكاتب الموريتاني الدكتور سيد محمد ولد يب كتاب  "الدولة وإشكالية المواطنة" ، قراءة في مفهوم المواطنة العربية والمغاربية، وعكست فصول الكتاب ، في طبعته الثانية، مقاربة شاملة لفكرة المواطنة واختلاف دلالاتها النظرية وخصوصية أبعادها العملية من عصر لآخر ومن دولة لأخرى. وقد تعرض في فصوله لهذا البعد الاختلافي لفكرة المواطنة، وحاول في ضوءه تتبع مسار تطورها بدء بفكرة المواطنة الإغريقية ووصولا إلى فكرة المواطنة العربية في دلالتها العامة والخاصة . وأبرز أن مسار هذا التطور ارتبط بشكل التنظيم السياسي المهيمن في كل مجتمع ، وبخصوصية الإطار الثقافي والاجتماعي الذي تبلورت في كنفه قيم المواطنة وآليات ممارستها. هذا و حدد المؤلف في الفصل الأخير من الكتاب المقصود بالمواطنة العربية وأصلها التاريخي وقيمها وصلتها بالهوية العربية، ونظرا لفشل نماذج محاولات الوحدة التي تحققت سابقا ، كما هو حال اتحاد الجمهوريات العربية الذي حصل بين مصر وسوريا وليبيا في أول سبتمبر سنة 1971 أو بين سوريا ومصر سنة 1961، وبقاء الدعوات السياسية الحالية المنادية بها في حدود الطموحات الفردية لبعض القادة والمفكرين العرب ، بسبب عوائق ذاتية وأخرى موضوعية ، فقد ارتأى المؤلف أن بعث فكرة المواطنة العربية من جديد قد يبدو مسعى موضوعيا ومتاحا إذا ما عملنا على الاستثمار والتوظيف الواعي والمُعَقْلَن لبعض التجمعات السياسية العربية المعاصرة التي شهدتا المنطقة العربية منذ الثمانينيات من القرن العشرين :"اتحاد المغرب العربي" و"مجلس التعاون الخليجي" . فبإمكان اتحاد "المغرب العربي" ، على سبيل المثال، أن يشكل أساسا صلبا لمواطنة عربية أصيلة هي : المواطنة العربية المغاربية أو باختصار المواطنة المغاربية . لقد كانت نشأة هذا الاتحاد استجابة لتطلعات المجتمعات العربية المغاربية وقادتها إلى بلورة مفهوم موحد للمواطنة وتحقيق الوحدة العضوية بينها . ولم تتردد دساتير بعض الدول هذا الاتحاد الإقليمي في الإشارة إلى هذا الهدف صراحة أو ضمنا . وأشار المؤلف في هذا الكتاب إلى أن تحقيق فكرة المواطنة المغاربية على أرض الواقع ونقلها من مجال الفكر والتأمل إلى مجال الواقع والتجربة يتطلب إحداث إصلاحات سياسية ودستورية في بنية مشروع الاتحاد المغاربي . أولها تكليف لجان مختصة للبحث في صياغة دستور مغاربي مشترك يوفق بين مختلف القواعد والنظم الدستورية في دول الاتحاد ، بحيث ينظم هذا الدستور الاتحادي تواجد المواطنين المغاربة في هذه الدول ، ويضع المعايير والمبادئ المنظمة – في مرحلة ما بعد الاندماج الكلي – لعلاقات النظم السياسية المغاربية مع بعضها أو تلك المُحَدِدَة لطبيعة الحكومة الاتحادية في مرحلة ما بعد الوحدة الكلية .