في المتن الابداعي للحزن ثمة خرائط محلية وعالمية..مصرية شرقية واوروبية غربية ..وجوم  يكسي الوجوه والقلوب ضليلة..حزن في العيون..واسع هو الحزن في هذا العالم ومن  هنا فهو قابل دوما للتأويل..وهاهو الشاعر علي عطا يستهل ديوانه الجديد "تمارين لاصطياد فريسة" قائلا:"ارنو بعينين دامعتين..اشدو بصوت حزين"..هذا ديوان حافل بخرائط  احزان مصرية . وفي كتاب "كل هذا الشباب الحزين" الذي تضمن تسع قصص قصيرة يتجلى جانب من التشريح الثقافي الغربي للحزن بتناول ابداعي للمؤلف الأمريكي الراحل فرنسيس سكوت فيتزجيرالد صاحب رائعة "جاتسبي العظيم". انه الحزن في مرحلة مابعد الحرب العالمية الأولى حيث جاءت عشرينيات القرن العشرين  في امريكا بالكساد العظيم ومعه اليأس والانحلال الأخلاقي وشباب غاضب حزين وشباب اخر متبلد وينزع نحو اللامبالاة وسط بانوراما الهستيريا العامة في المجتمع والارتباك القيمي فيما يتحدث علي عطا عن ذلك "الذي يذرف دمعتين ويذهب الى حال سبيله". كان سكوت فيتزجيرالد يسعى للبحث عن معنى وسط هذا الضياع وهاهو المصري على عطا يبحث بدوره عن المعنى في ديوانه الجديد "تمارين لاصطياد فريسة" الذي ينعكس فيه الحزن على الذات الشاعرة التي تقول عن نفسها :"انا على اعتاب الخمسين..انا الميت منذ مولدي". انه حزن الشاعر في عالم بالغ القسوة والعتامة وعامر بقتل الأطفال بقدر ماهو بوح الشاعر بعريه الأليم في متاهة خرائط الحزن ومكاشفاته التي لاتخجل من الضعف الانساني بل تمجده فيما يبقى سؤال الأنثى وتأويلاتها حاضرا بكثافة عبر "تمارين لاصطياد فريسة". كثيرة هي مشاهد الحزن الشفيف في الديوان الأخير لعلي عطا بأفقه الحداثي دون ان تنال تقنيات الحداثة من عمق الحميمية المصرية او البحث عن المعنى الانساني في الوجود الكثيف لخرائط الحزن فيما يبرهن الشاعر على ان قوة المعنى بحاجة لقوة الصياغة.