صدر حديثًا عن دار دوِّن للنشر، كتاب بعنوان "أيام الأمل والحيرة" للكاتب الكبير بهاء طاهر، ويقع الكتاب فى مائتى وعشرين صفحة من القطع المتوسط، متضمنًا اثنين وثلاثين مقالاً بدأ شاعر الرواية العربية فى كتابتها منذ الأسابيع الأولى لثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة 2011، ونشرت بين صحيفتى الشروق والأهرام.والمقالات التى يتضمنها الكتاب تروى عبر فصولها تاريخ الآمال العظيمة التى رافقت الثورة والتى أعقبتها مباشرة، ثم اصطدام هذه الآمال بعثرات وكبوات يؤمن بهاء طاهر أن القوة الدافعة لهذه الثورة – وهى ما زالت مستمرة – سوف تتغلب عليها فى وقت قريب؛ لتحقق أهدافها فى كفاية العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، وتحقيق الاستقلال الوطنى الكامل.وقد بدأت تلك العثرات باشتعال أو إشعال فتن طائفية متكررة بعد أسابيع قليلة من الثورة التى رسخت وحدة النسيج الوطنى المصرى، وعمدتها بامتزاج دماء الشهداء المسلمين والمسيحيين فى الميدان، واعتبرنا – بحق – أن انتشار هذه الفتن مع صعود نجم التيارات الدينية المتطرفة وتحالفها مع المجلس العسكرى الحاكم الذى بدا متلهفاً على هذا التحالف، وفى الوقت نفسه بدا الطرفان معًا حريصين على تهميش واستبعاد شباب الثورة من ساحة العمل السياسى الذى كانوا هم القوة المحركة لتغييره، وسنرى كيف تحول هذا التهميش السياسى خطوة خطوة إلى عمليات بطش وتنكيل، ثم انتهى إلى مجازر علنية للشباب الثائر فى ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء، هذا فى الوقت الذى كان فيه تيار الإسلام السياسى المدعوم بتأييد المجلس العسكرى يفرض سيطرته بالتدريج على الحياة الاجتماعية والسياسية فى البلاد.ويشير الكتاب فى لمحات سريعة إلى أن هذا التيار – متمثلاً فى جماعة الإخوان المسلمين بالذات – كان يواصل خطة قديمة للقضاء على الدولة المدنية الديمقراطية حقق فيها انتصارات متلاحقة فى عهد النظام البائد، وقد سبق وأن شرح – كما يشير بهاء طاهر – ملامح هذه الخطة فى كتابه "أبناء رفاعة" الصادر عن دار الشروق عام 2009، وتنبأ فيه كيف نجح الإخوان فى إحكام سيطرتهم على المجتمع فى عصر دولة مبارك الرخوة المترنحة، وقال بالنص إن الانتقال من حكم المجتمع إلى حكم الدولة هو مسألة وقت لا غير، وقد حان الوقت أخيرًا كما رأينا.ويؤكد بهاء طاهر فى مقدمته على أنه لا يدعى أنه فى هذا الكتاب كان يملك ناصية الحكمة، ولكن قيمته فى رأيه أنه يسجل التطورات فى أيام فارقة من تاريخ مصر أسبوعاً بأسبوع.