الشاعر العراقي علي جعفر العلاق

نظم بيت الشعر بالأقصر، مساء أمس السبت، أمسية شعرية للشاعر العراقي الكبير علي جعفر العلاق، وذلك في إطار حلقات شاعر وتجربة التي يقيمها بيت الشعر أول كل شهر.
 
وقدَّم الأمسية الشاعر الدكتور أبو الفضل بدران الذي رحَّبَ بالشاعر علي جعفر العلَّاق، مشيرًا إلى عظم الجهد الذي يبذله بيت الشعر في إقامة الأنشطة التي تعيد روابط الهوية العربية عن طريق الشعر والأدب، مؤكدًا على أن بيت الشعر بالأقصر صار قبلةً لكل الشعراء والأدباء من مختلف البلدان والأقطار العربية، موجها التحية للجمهور من محبي وممارسي الكتابة التعرف على مثل هذه التجارب الإبداعية الثرية.
 
 كما أشار الدكتور أبو الفضل بدران، إلى العلاقة الوطيدة التي تربطه بالشاعر علي جعفر العلَّاق، تلك العلاقة التي توطدت في سنوات العمل بالجامعة في دولة الإمارات العربية المتحدة والتي أتاحت له التعرف عن قرب على مشروع العلَّاق الأدبي ومسيرته الإبداعية الطويلة.

ثم بدأ الشاعر علي جعفر العلاق، بأن أنشد عددَا من قصائده المتنوعة متيحًا للجمهور التعرف على مشروعه الشعري من خلال قصائده وقد بدأ بقصيدة عن العراق بعنوان " أنين الحضارات " ونصها:
من أنين الحضارات أقبلت
منكسرا، وحشة العشب تجرحني
والفرات رماد يئن
على شفتيّ، غزال يضئ
حنين النساء
وطن يتنزه مكتئبا
في القصائد، حيث النسيم
قبور معذبة، والكواكب نائحة
في العراء
ذا أنين الحضارات، بل قصب
يتكسر في الروح شرسا
يعض الندى
والصدى
والشجر
والأغاني
بقية عكازة
في المطر
ومن قصيدته " عودة كلكامش " :
هكذا
عدت وحدك
لا مركبات الغنائم، لا
مطر العازفين
فأين خيول الفجيعة
أو عشبة الوهم،
أين هي العربة؟
هل حملت
إلينا الندى، أم نشيدا
من القش
والجثث المتربة؟
هل حملت
البيارق، أم نهرا
خربة؟
أم رمادا
يعكر ذاكرة العشب، يفضح
عرى اليدين؟
لو رجعت
ببعض الحصى
لو رجعت ببعض الندى
لو رجعت
بخفي حنين.
 
ثم بدأ الحوار الذي أداره الدكتور محمد أبو الفضل بدران حول تجربة الشاعر العراقي علي جعفر العلاق الأدبية وعن علاقته بالنقد تحدث الدكتور العلّاق، مشيرًا إلى أن اشتغاله بالنقد الأدبي لم يشغله عن القصيدة وعن انسيابية اللغة في شعره، مثل كثيرين من الأدباء الذي ذبلت لغتهم ونشف ماؤها عندما اتجهوا إلى النقد، لافتا إلى مدى الصعوبة والعوائق التي يلاقيها الشاعر الذي يزاوج بين الشعر والنقد فهما طرفا نقيض فالنقد يحتاج إلى يقظة دائمة وبصيرة حادة عكس الشعر الذي يتأرجح في منطقة وسطى بين الوعي واللاوعي.
 
ثم امتدَّ الحوار ليشملَ مقاطع من سيرة الشاعر الإبداعية ومسيرته مع الشعر حيث تحدث عن علاقته بالشعر منذ بداية احتكاكه بالشعر حتى اتساع مداركه وتجدد قراءاته، مشيرًا إلى وعيه المبكر بأن التاريخ لا يحتفظ بالنسخ المكررة من الإبداع إنما يحتفظ بالجيد والأصيل والمنفرد ومؤكدًا على أن ذلك هو ما دفعه لأن ينحت لغته من الصغر متكئًا على تراثه الحضاري الطويل وميراثه العربي الأصيل مجددًا ومطوِّرًا ومضيفًا.

ثم فتح الدكتور أبو الفضل بدران باب المداخلات للجمهور، والتي دارت عن أثر القضية العراقية في شعر علي جعفر العلاق، وعن تجلياتها في مشروعه الأدبي وعن أساليبه الكتابية وعلاقته بالتراث وعن تضفيره لبحرين شعريين في قصيدة واحدة، وقد أجاب الدكتور علي جعفر العلاق عن كل هذه الأسئلة بإنشاد قصيدة يتمثل فيها جرح العراق هذا الجرح العربي المشترك والذي لم يغب عن روح شعره قط، وعن أساليبه الكتابية تحدث عن مجموع الدراسات النقدية التي اشتغلت على أعماله وقصائده، والتي تناولت هذه الأعمال أسلوبيًا ودلاليًا مشيرًا إلى أن هذه الميزة التي يجمع فيها بين بحرين شعريين في قصيدة واحدة على صعوبتها تعطي تنوعًا دلاليًا وإيقاعيًا للقصيدة.