صدرت رواية "بديعة وفؤاد" للكاتبة اللبنانية عفيفة كرم ضمن العدد الرابع من سلسلة رائدات الرواية العربية الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب. والرواية تعد واحدة من كلاسيكيات الرواية العربية، وقد صدرت في طبعتها الأولى فى نيويورك عام 1906 وفي طبعتها الثانية عام 2008 عن منشورات الزمن المغربية وسلسلة رائدات الرواية العربية ذات مجهود علمي وتاريخي مهم جدا يتيح إعادة قراءة وكتابة تاريخ الرواية العربية. وتحكى الرواية فى 44 فصلا حب فؤاد لبديعة التى تعمل خادمة ومحاولة أمه وأبن خالته دون اتمام الزواج فتسافر بديعة إلى أمريكا للعمل وتعانى من حياة الغربة ويواصل أبن خالة فؤاد المكيدة بالسفر إلى أمريكا إلا أنه يفشل وينجح الحب فى النهاية بإتمام الزواج بديعة من فؤاد والانتصار على تقاليد المجتمع الذى يرفض زواج من هو أدنى منه فالأم حامية التقاليد ترفض ''الزواج من خادمة".  ولم تكتف عفيفة كرم (1883-1924) فى الرواية التعرض للعادات والتصورات الاجتماعية السائدة، وانتقاد مختلف أنماط السلوك المهيمنة، فكان هناك اختبار القيم المختلفة والمتصارعة والتي تمثلها شخصيات مختلفة الثقافة والتكوين والإدراك وتباين المجتمع العربي في الشام أو في بلاد المهجر، وتبين التفاوت فى مفهوم المجتمعين العربى والغربى وكيفية تصرف الاشخاص فيها.وتظهر عفيفة كرم فى روايتها أن بديعة، بطلة الرواية مثال للمرأة المتمسكة بالهوية الوطنية وبالأخلاق والقيم السامية والثقافة الواسعة والقدرة على إبداء الرأي وإعمال النظر والعقل في كل المواقف مع جرأة وقدرة نافذة على الإقناع والجدال، لذلك نجدها تمثل الضمير الحي والخلاق الذي يتعامل بوعي ومسؤولية، فيقدر الأمور حق قدرها بعد تقليب كل الوجوه والنظر في العواقب وآثارها على الذات والمجتمع.كما تناقش ثنائيات عديدة بين المرأة والرجل والشرق والغرب والتقاليد والحرية والجهل والعلم، غير أن الكاتبة من خلال تجسيد رؤية بديعة ''محور الرؤية والتبشير'' لا تجعلنا أمام ثنائيات متضادة وتعتبر هذه الرواية باكورة أعمال عفيفة كرم، فقد كتبتها وعمرها 23 عاما، إلا أنها تتميز بالبناء المتكامل وبلغة المتينة ووعى الكاتبة بثقافة غزيرة .