"العرض ما قبل الأخير"

أصدر المركز الثقافي العربي٬ رواية للكاتب نزار كربوط، حديثًا٬ بعنوان «العرض ما قبل الأول». ويقول «كربوط» عن روايته: «هذا النّص الروائي ابتلع منّي أكثر من ثلاث سنوات من العمل والبحث المرهقين، سافرت هنا وهناك قصد جمع المادّة والوثائق الضرورية لبناء الأفكار الأساسيّة والقوائم الرئيسة التي يرتكز عليها نصّ الحكاية». ويضيف: «بين أرشيف وزارة الدّفاع الفرنسية وشهادة الرجل البطل (والمسجّلة بصوته قبل أن يختطفه الموت) قضيت ليالي أخيط وأحيك معطف النص وخبايا التاريخ».

وتابع: «ليس ذلك التّاريخ الذي عهدناه في المقرّرات الدراسية الملغومة لكنّه تاريخ من نوع آخر، تاريخ الذاكرة الحية فينا جميعًا، ذاكرة البسطاء والضّعفاء الذين يتحدثون إلى الريح العابرة دون خوف أو ضجر، تاريخ الأبطال المغاربة الذين شاركوا في الحرب العالميّة الثّانية، بعد هذا النص أدركتُ عميقًا أنّ الكتابة خلقٌ وموت في الوقت ذاته».

ومن أجواء الرواية: «حينما يدخلُ كمال إلى مكتب والده، بعد مراسم الدفن، يكتشف أنَّه كان يشتغلُ على مشروعِ فيلم غير عاديّ، إذ يرجع بنا إلى جانبٍ صامتٍ من تاريخنا القريب، حيث تَدُور أحداثه حولَ الكابورال محمّد في حقبة الحرب العالمية الثانية وتَحكي لنا الآلام التي ذاقها الجُنود المغاربة الذين أُقحِمُوا في حربٍ لم تكُن تَعنيهم في شيء».

سيعيشُ كمال وسط أشخاص شكّلوا ملامح رواية شيّقة، ويغوصُ في نهر من الحقائق لم يسمع عنها من قبل، ممَّا سيَدفعُه إلى طرح الكثير من الأسئلة الموجعة والمزعجة في الآن ذاته.

واستكمل: هي أيضًا كائن جينيالوجي، فهي لا تخضع لكرونولوجيا الزمان، المُسَوَّدَة هي الورقة التي تشهد على البدايات المتكرِّرة للنَّصِّ. إنها ما تفتأ تكتب، وهي تحمل (تحبل) النَّصَّ منذُ ميلاده حتَّى يُصاغ صيغته «النِّهائيَّةً» ليُدفَن بين دفَّتَي كتاب، وهي تشهد على حياة النَّصِّ وتطوُّره، لكنْ، أيضًا، على تراجُعه وعودته إلى الوراء. تشهد على الزيادة والإضافة، لكنْ، أيضًا، على الخَدْش والحَذْف، إنها فضاء المحو، فضاء الحضور والغياب، الفضاء الذي يعمل فيه النسيانُ عملَهُ.

واختتم: المُسَوَّدَة مجال الظهور والتَّستُّر، مجال الإفصاح والإضمار، إنها «تعبير» عن لغة الجسد في تدفُّقه وتلقائيَّته، لكنها كذلك فضاء التَّحفُّظات والحصر، إنها مجال الشعور واللَّاشعور، مجال العقل واللَّاعقل. إنها النَّصُّ وهو يرعاه صاحبه، النَّصُّ وهو ما زال في "ملك" الكاتب، النَّصُّ وهو جزء من صاحبه، النَّصُّ قبل أن يتحوَّل إلى «موضوع»، المُسَوَّدَة، إذنْ، مجال حُرِّيَّة المبدع وتَرَدُّداته، مجال تأكُّده وارتيابه، إنها تسويدٌ وتسجيلٌ لعمل الفكر، لِسَيْل تساؤلاته وانعكاساته على ذاته، رجوعه وتراجعه.

يذكر أن عبدالسلام بن عبدالعالي كاتب ومترجم وأستاذ بكلية الآداب في جامعة الرباط بالمغرب، من مؤلفاته: الفلسفة السياسية عند الفارابي، أسس الفكر الفلسفي المعاصر، حوار مع الفكر الفرنسي، في الترجمة، ضيافة الغريب، جرح الكائن، القراءة رافعة رأسها، ومن ترجماته: الكتابة والتناسخ لعبد الفتاح كيليطو، أتكلم جميع اللغات لعبد الفتاح كيليطو، درس السيميولوجيا لرولان بارت.

قد يهمك أيضًا:

"جبل القارة" نحتت الطبيعة ملامحمه ورسمت كهوفه ومغاراته

طارق إمام يؤكد أن الإسكندرية ظهرت في الروايات العربية كمدينة عادية