في وقت يتنفس فيه الفن التشكيلي والتصوير المصري الروح الثورية، متفاعلا مع الأحداث التي فرضها الواقع السياسي، سواء بعد ثورة 25 يناير أو ثورة 30 يونيو، كان هناك من يسبح في عالمه الخاص من البساطة والرقي والطبيعة الفطرية التي لم تفتقدها مصر يوما، رغم أن غبار الغاز المسيل للدموع ولون الدماء لوثها، إلا أنها وجدت دائما من يحاول أن يعود بها إلى الطريق من جديد. فوسط أجواء البيئة الريفية ببساطتها وطبيعتها وخضرتها وشمسها، عاش الفنان التشكيلي والمصور طارق كامل رحلته، والتقط تفاصيلها من الشروق للغروب ومن الصباح للمساء بعدسات كاميرته، ليُظهر لزوار معرضه "فجر الطريق" الطبيعة المصرية التي لم تعتدها أبصارنا، كما يقارن بين بيئتين مختلفتين ومناخين متنافرين. يقول طارق كامل لـ"الوطن"، إن معرضه يدور بين عالمين وجوَّين مختلفين، متابعا: "دايما نشوف في الشتا البرد والقفلة والجو الوحش، وفي الصيف الحر والانفتاح، وفكرتي قايمة على قصيدة للشاعر أمل دنقل، اسمها (ينزل المطر ويغسل الشجر)، لأنه اختلف في وجهة نظره عن ناس كتير، شاف في الشتا الدفا والحب والجمال، وشاف في الصيف الخمَّاسين والتراب والغبار". ويستطرد طارق، الذي درس الحقوق والصحافة لكنه عمل في الفن التشكيلي، قائلا: "بحكي حكايا متنافرة بين عالمين، الأول في الإسكندرية وقت النوة والبرد والهوا، المناخ الشتوي الذي يشبه أوروبا، وبحكي في الصيف عن الدلتا، والعالم المصري الجميل والزرع الأخضر والنهار الصافي. بنتكلم في تراث مصري خاص جدا هو جو الريف، وهو جو يختلف عن الصعيد، فالصعيد فيه نخيل وجبال، أما الدلتا ففيها الشجر وضباب الفجر". يؤكد كامل أن هذا المعرض هو رقم 25 بالنسبة له، لكنه لن يكون الأخير، مؤكدا أن اختياره لحزب العمال والفلاحين كان لأنه بيته الذي يجد فيه الراحة النفسية، وليس لأن المعرض يحكي عن جو البيئة الريفية. وحول ما إذا كانت له معارض تحكي عن الحالة السياسية التي تعيشها مصر منذ ثورة 25 يناير، قال إن "السياسة مش لازم تكون في صورة مظاهرة، ممكن السياسة تكون في موجة بحر، ممكن تكون في البيئة الخضرة الصافية النقية اللي إحنا عايزينها لبلادنا بعد الثورة، فقد تكون صورة بسيطة من الواقع المصري فيها انتماء سياسي أعمق وأطول جذرا من علم أحمله في مظاهرة وأرميه بعد قليل". ورغم أن طارق لا يحب الاشتراك في المسابقات الفنية بأعماله، ولم يحصل على أي جائزة في حياته، إلا أن له مقتنيات وأعمال في عدد من دول العالم مثل فرنسا والجزائر، مؤكدا أنه يطوف أنحاء مصر لتقديم حالة جديدة.