ينظم متحف جاكمار أندريه في باريس معرضا للوحات الفنان الانطباعي "أوجين بودان" حتى 22 يولو تموز. ويعتبر هذا المعرض هو الأول من نوعه الذي يكرس خصيصا لعرض أعمال الفنان حيث لم تقم أية مؤسسة تعنى بشؤون الفن بهذه المبادرة منذ وفاة الفنان في عام 1899. وقد تم جمع لوحاته من عدة متاحف في فرنسا وأوروبا وحتى من أمريكا.يعتبر الفنان "أوجين بودان" من مؤسسي المدرسة الانطباعية في فرنسا إذ اعتمد في فنه على رسم الطبيعة عبر مراقبة التغيرات التي تطرأ عليها خلال مراحل اليوم وتغير مستوى الضوء ودرجة الألوان. وبهذا يعتبر "بودان" من الأوائل الذين كسروا القيود الأكاديمية التقليدية في الفن الكلاسيكي، فقد كان الفنانون في تلك الحقبة ينتجون لوحاتهم في ورشاتهم أما هو فسبق عصره ليفجر ثورة فنية ويمارس الرسم في الخارج ولم يتبع أسلوب القرن التاسع عشر. هذه النقلة سمحت له باقتناص اللحظات الهاربة ليخلدها بلوحاته الشهيرة مثل  حفل في ميناء هونفلور والساحل عند المساء ومشهد على الساحل. وخلال مزاد لبيع اللوحات نظمه "بودان" بنفسه بباريس في عام 1868 قال عن لوحاته: "دراساتنا هذه تمت على الشواطئ وهي تقدم معلومات ورؤى لا تقل أهمية عما يقدمه لنا البحارة".وهو يؤكد بهذا القول على المقاربة الفنية بين اللوحة والواقع، وتعتمد لوحاته على دقة الملاحظة ومنح الأهمية لكل الدقائق والتفاصيل. فلوحات السواحل مثلا تتضمن تقنية فنية انطباعية تظهر فيها خيالات نادرة وبعيدة لأشخاص يتجولون على رمال الشاطئ وهذا ما يثير التساؤل إن كانت هذه الخيالات تعود لأشخاص مروا بالفعل من أمام الفنان خلال إنجازه للوحة أم إنها من خيالات "بودان" ؟يضم المعرض عددا كبيرا من اللوحات بعضها بالألوان المائية. أما اللوحات الزيتية فأشهرها لوحة "حفل كازينو دوفيل" في عام 1865 وهي تخلد لحظة افتتاح الكازينو وتعبر عن إعجاب "بودان" بالأسلوب الهندسي المتعلق بحقبة الإمبراطورية الفرنسية الثانية وحنينه لتلك المرحلة من خلال التركيز على الزخرفة والنقوش التي تزين رؤوس الأعمدة التي ترفع بناية الكازينو في الجانب الأيمن من اللوحة كما ركز "بودان" على إبراز الأزياء النسائية الأنيقة في ذلك العصر.أما لوحاته عن صيادي الأسماك وغسالات الثياب التي أنتجها خلال زيارته لمنطقة بروتانيا في عام 1860 فإنها تتميز بالشاعرية والإحساس العميق من خلال مشاهد النسوة على ضفاف البحيرات وهن جنبا إلى جنب منهمكات بغسل الثياب. اللون الرمادي يطغي على هذه اللوحات وهو أمر غير مألوف في لوحات "بودان" الغنية بألوان النزهات عند الغروب على الشواطئ حيث تقدم هذه اللوحات في الغالب سماء ً غنية بالألوان المتدرجة، وقد أدرك هذا التباين في لوحاته وحاول أن يقارب بين المستويين في بقية لوحاته. ومن هذه المعادلة الفنية برزت الخصوصية الانطباعية الفريدة في فن  "أوجين بودان" . براعته في اقتناص تأثير الضوء على درجات الألوان وعلى زرقة السماء منحته لقب " فنان السماء" باعتباره أفضل من رسم السماء التي ظلت تحتل مساحة واضحة في معظم لوحاته. وقد أكد الفنان "مونيه" أنه مدين لأستاذه "بودان" بكل شيء وهو الذي ساعده على تمزيق الأغشية التي كانت تغطي بصره ولولاه لما أصبح فنانا معروفا ولما ولدت الانطباعية في فرنسا.