في العام 2005، رصد المسبار كاسيني وجود اعمدة بخار وجليد في القطب الجنوبي للقمر "انسيلادوس" احد اقمار كوكب زحل، وقد اظهرت دراسة حديثة ان هذه الظاهرة سببها تأثير المد بسبب جاذبية الكوكب الام. وقمر انسيلادوس هو قمر صغير مجمد قطره الف كيلومتر تقريبا، وقد اكتشفه وليام هيرشل في العام 1789، وهو احد الأجرام الاكثر اثارة لفضول العلماء في المجموعة الشمسية. فقد جذب هذا القمر انظار علماء الفضاء منذ اكتشاف الانبعاثات الضخمة لبخار المياه وجزيئات الجليد على سطحه، ومصدر هذه الانبعاثات هي تشققات في سطح القمر بالقرب من القطب الجنوبي في منطقة اطلق عليها العلماء اسم "خدوش النمر". وتوصل بعض العلماء الى ان القمر انسيلادوس يحتوي على خزان مياه وربما محيط، تحت سطحه المتجمد، وهو بذلك احد الاجرام المرشحة لاستقبال أشكال من الحياة. غير ان تحليل الصور التي التقطت لهذا القمر بواسطة المسبار الاميركي كاسيني، تشير الى احتمال آخر، فقد خلص فريق العلماء والباحثين في جامعة كورنيل الاميركية في دراسة نشرت في مجلة نيتشر الى ان هذه الاعمدة من البخار والجليد سببها تأثير المد الذي يسببه كوكب زحل. وتأتي هذه الخلاصة لتتوافق مع فرضية طرحها جمع من العلماء في مجلة نيتشر ايضا في العام 2007. واذا كانت عبارة "تأثير المد" مقترنة في الأذهان بالبحر، الا ان علماء الفلك يستخدمونها ايضا للاشارة الى أثر جاذبية الكواكب على اقمارها او اثر جاذبية الارض على القشرة الارضية. ويمكن ملاحظة اثر جاذبية القمر على البحار ولكن له جاذبية ايضا على القشرة الارضية تسبب ارتفاعها عشرات السنتيمترات مرتين كل يوم. ويدور انسيلادوس حول زحل في 1,37 يوما، ويبعد عن سطحه 238 الف كيلومتر، وقد لاحظ العلماء وجود رابط بين قوة الانبعاثات على سطحه وموقعه في مداره البيضوي حول كوكبه. ويفسر العلماء ذلك بالقول ان تأثير جاذبية زحل يؤدي الى حصول تشوهات على سطح القمر انسيلادوس، او احتكاك بين الطبقات، وتؤدي الحرارة المنبعثة من هذه العملية الى اذابة الجليد، ولذلك ينعبث البخار وجزيئات الجليد. وتنفتح هذه التشققات وتقفل مجددا بحسب موقع انسيلادوس من زحل، اذ ان الجاذبية تكون في اعلى درجاتها عندما يكون القمر في أقرب مسافة من كوكبه، وتعود وتضعف بعد ذلك. وعندما يكون انسيلادوس في اقرب مسافة له الى زحل، تضمحل ظاهرة اعمدة البخار، ما يعني ان التشققات على سطحه تقفل جراء الجاذبية الكبيرة للكوكب الام. وعندما يبتعد القمر الى اقصى مسافة له عن زحل، تبدو اعمدة البخار في ذروتها، وذلك لان التشققات على السطح تتسع. وارتكزت ابحاث هذا الفريق العلمي على 252 لقطة لسطح القمر انسيلادوس التقطت بين العامين 2005 و2012 بواسطة الكاميرا الموجودة على متن المسبار كاسيني.