اللواء نصر محمد سالم

سرد اللواء نصر محمد سالم، أحد رجال الاستطلاع في حرب أكتوبر 1973، أسرارًا خفية من ملحمة العاشر من رمضان، باعتباره قائد أحد أهم مجموعات الاستطلاع خلف خطوط الجيش "الإسرائيلي".

وضمن الأسرار التي سردها سالم، في حواره إلى "مصر اليوم"، أنه سار داخل سحابة على أحد جبال سيناء، وتخفّى داخل جيش الاحتلال، ونقل معلومات عن أهم 3 محاور للعدو في حرب أكتوبر، ما جعله أحد أبطال تلك المعركة وبامتياز.

وتفصيلًا، أكد اللواء سالم أنه لم يكن هناك على الإطلاق مشكلة في حجم توافر المعلومات عن العدو؛ لأن عناصر الاستطلاع بدأت عملها منذ 5 يونيو/حزيران 67 وقبل ذلك اليوم، وأنه كان أحد قادة مجموعات الاستطلاع الاستراتيجية التي تعمل خلف خطوط العدو، وكانت مهمتها معرفة أوضاع العدو وحجم نشاطه لمدة 6 أيام فقط، إلا أن المجموعة استطاعت أن تستمر في عملها لمدة 6 أشهر بعد انتهاء الحرب.

ويتذكر اللواء نصر موقفًا طريفًا حدث في 8 أكتوبر 1973، بقوله: وصلت 4 طائرات من طراز ميغ 23، وتم التعامل معها وأصيبت بنسبة خسائر عالية، كما تم تدمير نحو 20 دبابة، فأصيب اللواء المدرع بالفزع، لاسيما عندما شاهد طائرتين تحلقان في السماء، حينها فوجئنا بانتشار الدبابات بسرعة كبيرة، فتوقعت أن هناك طيرانًا مصريًا يضرب، ومع الفزع اكتشفنا أنها طائرات إسكاي هوك "إسرائيلية" لكن من فزع العدو ظن أنها مصرية فتكررت الخسائر ذاتها، وبالفعل تحقق حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) نصرت بالرعب مسيرة شهر.

وأوضح أنه "بعد وقف إطلاق النار اكتشف العدو أن قوات الصاعقة تختبئ بالجبال فبدأ بتمشيط كامل يمثل تهديدًا للأماكن التي كنا نوجد فيها، فكان القرار أن نختبأ داخل مواقع العدو أو في أقرب مكان لا يتوقع وجودنا فيه على الإطلاق.

وأضاف اللواء نصر بشأن ذكرياته عن طرائف الحرب: كُلفت بمهمة لاستطلاع منطقة فتحركت في اتجاهها، وكانت المسافة لا تقل عن 80 كيلو، ومن دراسة الخريطة اكتشفت أن العدو يحيط بلسان صخري جبلي، وأن أفضل الطرق للوصول إلى الهدف اختراق هذا اللسان، وبدأت التحرك ليلاً واحتسبت 3 ساعات للوصول إلى الموقع، وكان ذلك بعد وقف إطلاق النار، فتحركت فوق اللسان بحيث عندما أصل إلى نهايته أسيطر على موقع العدو، وفي لحظة معينة وبدون أيّة مقدمات وجدت نفسي في وضح النهار وكأني في غرفة مظلمة ثم أضيئت مرة واحدة، فوجدت نفسي داخل موقع العدو؛ لأن اللسان كان يخترق الموقع، وكنت أرتدي الزي العسكري المصري، وعندما نظرت خلفي اكتشفت أني سرت داخل سحابة فوق الجبل، وظننت أنها شبورة عادية.

ثم تابع: وبعد أن وجدت نفسي في مواجهة العدو تأكدت أنه رآني، واستعددت للشهادة؛ لأن موضوع الأسر غير وارد على الإطلاق بالنسبة إلى ضابط الاستخبارات، فأخرجت اللاسلكي وأبلغت قادتي بكل ما رأيته، وفي غضون 5 دقائق مرّوا عليّ كالدهر، لم يحضر أي شخص من العدو، فاستحضرت قول المولى عز وجل "فأغشيناهم فهم لا يبصرون" ثم عُدت سالمًا.

وأشار اللواء نصر وبشأن موضوع الثغرة أن أميركا دعمت "إسرائيل" بطائرات دون طيار لإحداث الثغرة في الدفرسوار وشوشت على رادارات القوات المصرية، في إطار الحرب الإلكترونية، إذ تم إبطال عمل كل عناصر الاتصال في منطقة الثغرة، فضلاً عن وجود مسافة نحو 4 كم بين الجيشين الثاني والثالث، لذلك أكد الرئيس أنور السادات حينها "لن أحارب أميركا".

واختتم: وفي مباحثات الكيلو 101 العدو هو الذي طالب بانسحاب قواته من الثغرة؛ لأنها كانت محاطة بقوات مصرية، وقال وزير الخارجية الأميركي آنذاك هنري كيسنجر "لن نسمح بتدمير الأسلحة الأميركية".