نجاة الإنسان من اندلاع بركان توبا الثائر

كشف العلماء كيفية نجاة فرقة صغيرة من الإنسان الحديث في وقت مبكر من اندلاع بركان هائل مروِّع قضي تقريبًا على الأنواع منذ 74 ألف سنة, وأظهرت شظايا الزجاج التي خلفها بركان توبا -الذي دفع الأرض إلى شتاء قارس منذ عقد من الزمان- إن البشر بحثوا عن مأوى على طول ساحل جنوب أفريقيا, ووجد الباحثون أن هذه المناطق الغنية بالغذاء نجت من تدميرها، حيث وفَّر المحيط ملاذًا يسمح للإنسان بالازدهار.

وقال العلماء، من جامعة ولاية أريزونا في تيمب، إنه في حين أن المجموعات الأرضية في الأرض أكثر تضررًا بشدة من قبل البراكين الهائلة، فإن تلك الموجودة في المناطق الساحلية لم تكن كذلك, وقال الباحث الرئيسي في الدراسة البروفيسور كورتيس ماران "هؤلاء كانوا من أوائل البشر المعاصرين الذين يستخدمون أسلوب الصيد والجمع, وكانت المجموعة الاجتماعية النموذجية تتكون من 20-30 شخصًا, ومن الصعب تقدير حجم السكان ولكن ربما انتشر بضع مئات على الساحل على نطاق واسع.

وأضاف"يظهر تحليلنا أن الاحتلال البشري استمر من خلال حدث الثوران، وتكثفوا في الواقع في منطقة واحدة, ونحن نقترح أن تكون موارد الأرض تأثرت بشكل سلبي بثوران البركان، في حين أن الموارد الساحلية لم تكن كذلك، مما جعل الجنوب الأفريقي ملجأً ساحليًا".

ويعد الانفجار البركاني الهائل توبا أكبر انفجار بركاني على الأرض خلال 2.5 مليون سنة الماضية عندما انفجرت قمته على جزيرة سومطرة الإندونيسية الآن, وأطلق البركان حوالي 720 ميلاً مكعباً من الصخور والرماد المنتشرة في جميع أنحاء العالم، حاملاً معه شتاءً بركانيًا دام عقدًا من الزمان, و دمَّر انفجار توبا قبل 74000 سنة الحياة على الأرض لأن سحابة الرماد السميكة منعت الشمس، مما أسفر عن مقتل الكثير من الحياة النباتية على كوكب الأرض.

وقام باحثو ولاية أريزونا بدراسة موقعين أثريين في وقت مبكر على الساحل الجنوبي لجنوب أفريقيا, وأرِّخت هذه المواقع، Vleesbaai و Pinnacle، إلى وقت اندلاع بركان توبا وتمثل موقع النشاط في الهواء الطلق ومأوى من الصخور, وقال البروفيسور ماريان لموقع MailOnline إن الكهوف الصخرية والكهوف هي مواقع ينام فيها الناس ويطبخون وجبات طعامهم ويروون قصصًا حول النار, فهو وطنهم, مواقع الهواء الطلق هي المكان الذي يجمعون فيه الأطعمة النباتية والحيوانات التي قتلوها ويجدون المواد الخام لصنع أدواتهم."

ووجد الفريق أن الترسُّبات في كلا الموقعين تحتوي على رواسب زجاجية مجهرية خلفها انفجار بركاني قديم, واستخدم الباحثون التحليل القائم على شعاع الليزر لقياس توقيعهم الكيميائي، واكتشفوا أن الأجزاء المسماة "cryptotephra" أنشأت في ثوران توبا, وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تحديد هذه الترسبات بنجاح حتى الآن من بركان المصدر، في هذه الحالة على بعد 600 ميل (9000 كم).

تمكن الباحثون من خلال مطابقة القطع الأثرية مع الأدلة الأثرية لنشاط البشر في مناطق مختلفة، من تقييم مدى تأثير الثوران على الإنسان الأولي, وفي مأوى الصخور في بيناكل بوينت، يترافق ظهور القطع في سجل الرواسب مع زيادة في كثافة الاحتلال البشري, وقيس هذا من خلال نتائج العظام والأدوات الحجرية المعقدة والدليل على حرائق الإنسان, وفي الموقع الثاني، لم يبدو أن البشر يزدهرون، لكنهم لم يتراجعوا بعد هذا الحدث، كما وجد الباحثون, وتظهر الدراسة أنه على طول الساحل الغني بالأغذية في جنوب أفريقيا، ازدهر الناس من خلال ثورة بركان توبا الهائل، ربما بسبب النظام الغذائي الغني الساحلي, ويأمل الفريق أن تقوم فرق البحث الأخرى بتطبيق أساليبها على المواقع في أماكن أخرى من أفريقيا حتى يتمكن الباحثون من معرفة ما إذا كان هؤلاء هم السكان الوحيدون الذين تمكنوا من الوصول من هذا الحدث البركاني المدمر.