معبد أبو سمبل جنوب مصر

تسلطت الأضواء مرة أخرى على أكبر عملية إنقاذ أثري في التاريخ بعد مرور 50 عامًا على إنقاذ معبد أبو سمبل جنوب مصر، إذ تم تفكيك معبد أبو سمبل، ورفعه عن الأرض، لحمايته من مياه الفيضان، بعد شروع مصر في بناء السد العالي في أسوان , وتم الانتهاء رسميًا من المشروع الذي تبنته "اليونيسكو"، لنقل نحو 20 نصبًا عملاقًا من معبد أبو سمبل، حيث استمر العمل به نحو 8 سنوات بمشاركة مئات العمال والمهندسين.

ووافقت منظمة "اليونيسكو"، خلال أعمال الدورة التاسعة والثلاثين، في بداية العام الجاري، على إدراج ذكرى مرور 50 عامًا على افتتاح معبد أبو سمبل بعد نقله إلى الموقع الحالي، ضمن احتفالات الذكرى السنوية التي يتم الاحتفال بها خلال عامي (2018 و2019)، وتعد "اليونيسكو" نقل معبد أبو سمبل أكبر عملية إنقاذ أثري في التاريخ , وتستعد مصر للاحتفال بالمناسبة من خلال تنظيم عدد من الفعاليات الرسمية، و أشار الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، في تصريحات سابقة، أنه من المقرر أن تحتفل اللجنة الوطنية المصرية لليونيسكو، بالتعاون مع وزارة الآثار والجهات المعنية، بهذه الذكرى بإقامة أنشطة واحتفالات خلال عامي 2018 و2019.

وشارك في نقل المعبد 2000 عامل ومهندس مصري بجانب عشرات المهندسين الأجانب، وبلغت تكلفة إنقاذ معبد أبو سمبل نحو 40 مليون دولار ساهمت الحكومة المصرية فيها بالثلث و"اليونيسكو" وباقي دول العالم بالثلثين , قال الدكتور عبد المنعم سعيد، مدير عام آثار أسوان والنوبة، إن "عملية إنقاذ معبد أبو سمبل كانت معجزة مصرية بكل المقاييس، حيث تم اعتماد الفكرة المصرية في عملية النقل والتي اعتمدت على الفك والتركيب، بعدما تم استبعاد الأفكار الأجنبية الأخرى لعملية الإنقاذ".

وأوضح أن معبد أبو سمبل، متفرد بجماله المعماري، وبكونه منحوتًا في قلب الجبل عكس المعابد الأخرى المبنية من الأحجار، بجانب تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني مرتين في العام، حيث اختلف موعد التعامد يومًا واحدًا بعد إتمام عملية النقل، وهو الحدث الذي يتابعه آلاف السياح سنويًا , وأضاف أن "المعبد تم إنشاؤه ليكون بوابة مصر الجنوبية مع أفريقيا" ,ولفت سعيد إلى أنه تم نقل قطع المعبد لمسافة 180 مترًا، وبارتفاع 64 مترًا، وبدأت عملية الإنقاذ عام 1964، واستمر العمل حتى سبتمبر/ أيلول 1968، وتم افتتاح المعبدين للزيارة في 22 سبتمبر/ أيلول 1968.

وقال الدكتور سيد حسن، مدير عام المتحف المصري الأسبق "مرور 50 عامًا على عملية نقل معبد أبو سمبل حدث تاريخي يسلط الضوء على عظمة وقيمة معابد الجنوب المصري، وهي فرصة جيدة لاستغلالها سياحيًا في الموسم السياحي المقبل" , ويشار إلى أنه في عام 1959 دعت منظمة "اليونيسكو" لعقد مؤتمر، يضم مندوبي 13 دولة ورؤساء البعثات الأثرية في مصر، وتم الاتفاق على ضرورة إنقاذ آثار النوبة بناءً على طلب مصر من "اليونيسكو"، وفي عام 1960 وجه المدير العام لليونيسكو "فيتر ونيزي" نداءً عالميًا لإنقاذ آثار النوبة، وكانت بداية إسهام المنظمة في الحملة الدولية لإنقاذ آثار النوبة ومعبد أبو سمبل من الانغمار في مياه النيل عند بناء سد أسوان، واستمرت الحملة 20 عامًا نُقلت خلالها 22 معلمًا وأثرًا معماريًا من مكانها.

وضمن احتفالات مصر باليوبيل الذهبي لعملية الإنقاذ الكبيرة نظمت مكتبة الإسكندرية أخيرًا، احتفالية بعنوان "اليوبيل الذهبي للأعجوبة الثامنة (معبد أبو سمبل)" , وقال الخبير الأثري الدكتور أحمد صالح، إن عملية الإنقاذ والنقل تمت على 4 مراحل، المرحلة الأولى كانت إقامة سد عازل بين مياه النيل وبين المعبد، لحمايته من المياه التي يرتفع منسوبها بسرعة، أما المرحلة الثانية فكانت تغطية واجهة المعبد بالرمال في أثناء قطع الصخور، بينما كانت المرحلة الثالثة هي تقطيع كتل المعبد الحجرية ثم ترقيمها حتى يسهل تركيبها بعد النقل، قبل نقلها إلى مكان المعبد الجديد، والذي يبعد عن المكان القديم بنحو 180 مترًا، وعلى ارتفاع 60 مترًا , وبعد نقل جميع الأحجار من موقعها القديم، جرى البدء في المرحلة الرابعة بتركيبها مرة أخرى، بدقة شديدة بداية من قدس الأقداس، وحتى البوابة الخارجية، كما جرى بناء قباب خرسانية تحت صخور الجبل الصناعي، وفوق المعبدين لتخفيف حمل صخور الجبل على المعبدين.