صورة إبداعية للوح زجاجي مغطى بالغبار

التقط المصور مان راي، صورة للوح زجاجي كبير مغطى بالأتربة، في زيارة لاستوديو مارسيل دوشامب في مانهاتن، عام 1920، وعندما ينظر إليه يبدو سطحه وكأنه جزء من المناظر الطبيعية الغريبة.

 وبحسب ما ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية، قام راي بالتقاط صورة مرة أخرى لهذا اللوح الزجاجي، عن طريق الالتقاط بالتعريض لمدة ساعة تقريبًا، وكانت هذه الصورة هي نقطة الانطلاق لمعرض مثير للاهتمام، إنه معرض Handful of Dust ، الكائن في صالة عرض وايتكابيل في لندن.

 صورة مان راي الغامضة، في وقت لاحق حملت اسم تربية الغبار  Dust Breeding,، ولوقت طويل عرفت بأنها قطعة من الفن السريالي، الغامض. المعرض هو استجابة مرحة، ومثيرة في بعض الأحيان لصور مان راي، وهناك العديد من الصور في المعرض تحمل نفس طابع تلك الصورة الغامضة حيث يوجد صورة صحافية مجهولة للدكتاتور الإيطالي موسوليني يكسوها الغبار ، كانت موجودة في مرآب والتي تم الكشف عنها بعد 10 سنوات من القبض عليه والحكم عليه بالإعدام، ويوجد كذلك في المعرض صورة الغبار النووي القاتل الذي استقر في هيروشيما وناغازاكي في أعقاب إطلاق أميركا لقنبلة نووية.

 ويضم المعرض كذلك صور العواصف الترابية المروعة التي ضربت أميركا في ثلاثينات القرن الماضي، فضلا عن بعض الصور غير نمطية جدا التقطها جيف وول من الأسطح الصخرية الحبيبية لصور ناسا المبكرة للقمر.

 من خلال تلك الصور نحن نرى كيف تم استخدام الغبار كأداة إبداعية، ويبدو أن السريالي الفرنسي جاك أندريه بوفارد قد التقط صور لشخصياته الإنسانية المحببة لديه من خلال عدسة مرصعة، في حين أن استجابة آرون سيسكيند الأمريكية للتعبير التجريدي كان عبارة عن عملية تعقب لأسطح المطبوعات والأوساخ والغبار.

 ويحيد عن هذا التوجه من الصور الغبارية للمعرض حفنة من الصور الوثائقية التقليدية التي تجسدت من خلال الأماكن الموجودة حول هذا المعرض؛ صورة ووكر ايفانز لقبر الطفل في مقاطعة هيل، ألاباما، في عام 1936 هي درامية ومؤثرة، وكذلك الظل الذي يلقي من قبل القبر، لوحة فارغة التي تقع فوق تل من التربة الجافة، والأرض المسطحة القاحلة كل هذا يصور المعاناة القاتلة للمزارعين الرحل والتي تطرق إليها بين سطور كتابه الكلاسيكي، دعونا الآن نثني على الرجال المشهورين  Let Us Now Praise Famous Men.

تم الكشف عن الغبار الذي اكتنف وسط مدينة مانهاتن بعد هجمات 11 سبتمبر تقريبا في صورة جيف ميرملستين من خلال تمثال رجل في استراحة والذي أصبح فيما بعد ساحة مدمرة، وكذلك الأشجار والمباني يغطيها الرماد ذا اللون الرمادي، والأرض تحمل الأنقاض.  إن وجود اللون الأصفر في قاعدة شجرة ينبهنا إلى حقيقة أن تلك الصورة ملونة، ولكنها رسمت بشكل أحادي اللون تعبيرا عما حدث في المدينة المؤلمة. وكلما استمريت في التجول داخل أروقة المعرض، كلما وجدت الكثير من الصور، صورة المصور التشيكي تيريزا زيلينكوفا لمقبرة المفكر الفرنسي جورج باتايل تعكس صورة إيفانز الأكثر إحباطا.

 وتظهر في حالة بالية وتعد آخر إطار في فيلم من الأفلام التي برزت من عملية الطباعة، كما أنها تعرض عوامل التصوير التناظري التي عافى عليها الزمن، وبالمثل، وعلى نطاق أوسع، صورة روبرت بيرلي لحشد من الموظفين السابقين يراقبون سحابة الغبار التي خلفها هدم مصنع كوداك في روتشستر، نيويورك ، في عام 2007.

ربما تكون السلسلة الأكثر إثارة هي صور جون ديفولا فقد اقتحم الفنان، الذي كان يعيش في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، المنازل الفارغة وفرق الغبار من خلال علب الرش والسكين والخيوط والكرتون، ليخلق الصور التي تشير إلى جميع أنواع الإشارات المظلمة، من سحر الطقوس إلى الخيال الإبداعي الذي يغذيه إدمان المخدرات، والتطقت هذه الصور في الفترة من 1974 إلى 1975.

 قام روبرت فيلو بتدخل أكثر جرأة، الذي قام في أواخر السبعينات من القرن الماضي بتصوير تنظيف - بدون إذن - أسطح اللوحات التي كتبها الزعماء القدامى في متحف اللوفر. وينتهي المعرض مع تحية لصوفي ريستيلهيبر لصورة مان راي الشهيرة، ومن الجدير بالملاحظة ان صورة المصور الباريسي تعكس صورة جوية لطول الصحراء الكويتية التي أحدث فيها حطام الحرب علامة بعد هجوم قوات التحالف على جيش صدام حسين في عام 1991.