لوحة "العمود المكسور"

يظهر جذع الفنانة فريدا كاهلو العاري، في صورة ذاتية، منشقًا في جزئين للإشارة لعمودها الفقري المهشم، نتيجة لحادث حافلة مروع في سن الثامنة عشرة، شرائط تثبت أجزاء جسدها معا، والدموع تتدفق على خديها وجسدها المريض مثقوب في كل مكان بمسامير صغيرة حادة، إنها واحدة من أشهر اللوحات لكاهلو. وتسمى اللوحة "العمود المكسور"، وهي تلقي الضوء تمامًا على العمود الفقري - الذي صورته على هيئة عمود بناء مدمر - بحيث تبدو الأشرطة وكأنها لا وظيفة لها، لكن كاهلو عاشت بالفعل داخل مثل هذا الوضع القاسي، وتظهر اللوحة في معرض لممتلكاتها اُفتتح في متحف فيكتوريا وألبرت هذا الأسبوع، وهو عبارة عن استعراض لساريات معدنية مروعة الشكل، والقيود القماشية والأبازيم الشبيهة بالأظافر، ليتضح أن الطريقة التي مثلت بها نفسها هي الحقيقة الوثائقية.

وتعتبر حقيقة أن الفن والحياة كانا أكثر تشابكًا مما تخيل أي شخص، هي مصدر الوحي لمعرض فريدا كاهلو، وكانت خزانة ملابس فريدا الفخمة الشهيرة محفوظة في البيت الأزرق في مكسيكو سيتي حيث عاشت وماتت، إلى جانب مجوهراتها ومستحضرات التجميل والأدوية ونحو 6000 صورة شخصية. وأصبح المنزل متحفًا، مما أدى في النهاية إلى عرض بعض هذه الأشياء للجمهور، والآن نجح متحف فيكتوريا وألبرت في نقلهم للعرض خارج المكسيك لأول مرة، مع مطابقة الممتلكات مع الرسومات واللوحات والخطابات والصور لإنتاج صورة حميمة للفنانة.

والصور هي شهادة استثنائية في حد ذاتها، حيث يمكنك أن ترى فريدا تعمل بينما ساقيها موضعتان في مقوم السيقان، أومحبوسة في كرسي متحرك أو حتى في السرير، في إحدى الصور، تظهر معاقة بسبب عملية أخرى غير ناجحة على العمود الفقري، ولكنها تتمدد أفقيا تحت قماش معلق، وتستمر في الرسم على نحو ما.

كانت الأصول المختلطة لفريدة تظهر دائما في صور والدها:

وكان والد كاهلو مصورًا ألمانيًا، وهو أيضًا شديد الإبداع، قام بصنع العديد من اللوحات الذاتية - اللاذعة، الكوميدية، الكئيبة ، والعارية - حتى أن فكرة تصوير السيرة الذاتية كانت بالفعل طبيعة ثانية لدى فريدا الصغيرة، وساعدته على تشكيل صوره وتطويرها وتنقيحها، كماوحدهم المرض: إصابته بالصرع، وإصابتها بشلل الأطفال. وتبدو الروابط بينهما واضحة في صورة عائلية رائعة يظهر بها الأجداد الألمان، والأمهات المكسيكيات وجميع أخوات فريدا، بما في ذلك كريستينا، التي كانت ذات يوم علاقة غرامية مع زوج فريدا، دييغو ريفيرا، لكن أين كاهلو نفسها؟ ستتبين أنها الشابة التي ترتدي بدلة والدها وتنظر له بحذر بينما تتكئ على كتف أحد أقاربها.

 وكانت تقول كاهلو - "بوجه عام ، لدي وجه الجنس الآخر" – وهو ما امتزج مع أنوثة طاغية تظهر في صورها الذاتية، حيث يمكن رؤية آثارها الحقيقية: أحمر شفاهها المفضل ريفلون ، قلم العين الذي استخدمته لتوضيح حاجبها الواحد، قلادة من اليشم لا تزال ملطخة بالطلاء، وتذهب إلى نيويورك  لتلقي العلاج الطبي، تجلس عارية ليرسمها عشيقها، دون أن ترتدي غطاء رأسها المتقن للشعر، لتبدو دائماً مغرية، حتى في الألم.