عرائس اللمبنى

ليلة شم النسيم في بورسعيد تعني لجميع أهالي المدينة، التوجه إلى شارعي أوجيني ونبيل منصور في حي العرب الشعبي، في المنطقة التجارية لرؤية عرائس الإلمبي، التي تستعرضها عائلة خضير سنويًا، أصل صناعة الإلمبي، وتناقش قضية أو أزمة تفرض نفسها على الساحة المصرية والعربية والعالمية، حيث استعرضت عائلة خضير هذا العام غلاء الأسعار والتطرف اللذان يشغلان الشارع البورسعيدي والمصري عامة، ويأتي ليشاهدها مئات الآلاف من بورسعيد ومختلف المحافظات.
 
 
وداخل محل "خضير الخطاط" يحكي مصمم العرائس، محسن خضير، بقوله :" كنت قد استعديت للإحتفال بعمل مسرح عرائس الإلمبي  عن غلاء الأسعار المبالغ فيه بشكل جنوني، ولكن أحداث إنفجار كنيستي طنطا والإسكندرية جعلني أضيفه كجزء أخر مهم، واستعرض حرب الدولة ضد التطرف.
 
وأضاف :"أثار غضبنا جميعًا أحداث تفجير كنيستي طنطا والإسكندرية وسقوط القتلى والمصابين بسبب فعل متطرف خسيس، وصممت 12 شخصية لأمثل الإرهابين وهم يضعون الأحزمة الناسفة على وسطهم ويخفون وجوههم ليفجروا ضحايا آمنين، اخوانهم في الوطن يصلون إلى الله في الكنائس، وجنود تحمي الوطن أيا كان دينهم، وكيف أن المتطرفين غابت عقولهم عن الحقيقة بأن الدين لله والوطن للجميع، ومصر للمصريين فقط مسلمين ومسيحين، الذين امتزجت دمائهم في حربهم ضد المعتدين، وستظل آمنة رغم أنف الحادقين، ليسقط المعتدين في بئر التطرف الذي يشكو منه العالم كله وليس مصر فقط".
 
وتابع :" كما أمثل غلاء الأسعار بسرعة الطائرة وجشع التجار وإحتكارهم للسلع التموينية بـ 9 عرائس، تُبين التاجر الجشع وأمامه المواطن البسيط الذي يريد طعام يسد جوعه، ويقف أمام لوحة أسعار لا يستوعب السعر، وأستعرض أيضا بالصور مختلف السلع من لحوم ودواجن وأسماك وسلع وأجهزة منزلية وغيرها، فسأوجه رسالة بعرائس الإلمبي بأنه لابد من وقفة للناس ضد التجار الجشعين الذين لا يُقدّرون حالة البلد والظروف الإقتصادية الحالية، وأدعو الناس أن تتحمل بعضها".
 
 
ويوضح "صناعة الدمى الإلمبي تأخذ مني وقت لا يقل عن شهرين وبها مجهود كبير وسهر ليالي لرسم الشخصيات وصب للوجوه وتعبيراتها، وأحيانا الوجه يأخذ مني أسبوع في خرط الفوم ونحت وإضافة ملامح الوجه بعجينة ثم الصنفرة والدهان وإختيار الملابس المناسبة للعرض"، لافتًا إلى أن "تكلفة المسرح بالعرائس كبيرة وتتحملها عائلة خضير لأنها عادة سنوية توارثتها العائلة ولا يمكن إغفالها، خاصة وأن الكثير يتصل ويأتي للمحل قبل الإحتفال ليسأل ما هي الشخصيات التي سأتناولها هذا العام، فنحرص على إسعاد الجميع الذين ينتظرون الإلمبي سنويًا، والبورسعيدية وزائري مختلف المحافظات يأتون إلى المسرح ويسهرون حتى الصباح في المنطقة على نغمات السمسمية ومسرح العرائس ثم يقضون أمتع الأوقات في شم النسيم".
 
وأشار خضير إلى أن المحافظة أو أي مسؤول لا يدعم هذه التكلفة الباهظة مادية ولا تتدخل أي جهة بتوجيه مسار معين للحدث الذي سأتناوله كما أن الأجهزة الأمنية تحمينا ولا تتدخل لأنها عادة تفرح البورسعيدية، مستطردًا أنه يستعرض أيضًا معرض صور على جانبي المسرح يحكي تاريخ ونضال المدينة الباسلة بورسعيد على مر العصور السابقة، وأهم الأحداث المتطرفة التي مرت بمصر والعالم بالصور.
 
ونوه أن الإلمبي شخصية فلكلورية في شكل دمية مثلت العداء للشعب، نسبة إلى اللورد إلمبي المندوب السامي البريطاني، الذي كان سيمر ببورسعيد عام 1917 ذهابًا إلى فلسطين، فعلم أهل المحافظة بقدومه فتجمعوا للفتك به كرمز للإستعمار، لكن الجنود تمكنوا من تهريبه قبل وصول الشعب له، ولشدة غضب أهل المدينة الباسلة رفضوا الرجوع منهزمين، فقاموا بعمل دمية من القش والملابس على شكل اللورد إلمبي وحرقوها على أنغام السمسمية ورددوا الأغاني الوطنية في توقيت يتزامن مع أعياد شم النسيم والميسحيين ورمضان، واستمر البورسعيدية على هذه العادة من خلال صنع دمية القش وتعليقها في هذا التوقيت على البلوكونات أو في الشوارع ثم حرقها ليلة شم النسيم،
للتأكيد على أن الظلم دائمًا في زوال".
 
وأكّد أنه قام بتطوير هذه العادة منذ السبعينات وحتى الآن بعرض عرائس على مسرح كبير استعرض فيه شخصيات معادية للشعب في المجالات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والرياضية كافة وغيرها، ليشاهدها المواطن البورسعيدي ويخرج أمامها ما عنده من غضب تجاه هذه الشخصيات، مشيرًا إلى أنه استعرض بالعرائس في السنوات السابقة الدورس الخصوصية والإهمال في المدارس والمواد المخدرة بين الشباب والتفكك الأسري والمستشفيات الإستثمارية وارتفاع الدولار، التطرق إلى شخصيات سياسية وعربية وإسرائيلية ودولية.