رحّب وزير المجاهدين الجزائري (قدامى المحاربين) الشريف عباس، الخميس، باعتراف الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بـ"جرائم" بلاده التي ارتكبت إبّان فترة الاستعمار التي دامت 132 عاماً (1830-1962). وقال عباس في تصريح أدلى به تعقيباً على خطاب هولاند الذي ألقاه أمام نواب البرلمان الجزائري اليوم، إنه "خطاب محترم"، مضيفاً أنه "خطاب قريب مما نتمناه بنسبة محترمة بخصوص الإعتراف بجرائم الاستعمار الفرنسي في حق الشعب الجزائري". وأوضح أن هذا الخطاب "سيكون محل دراسة وتحليل معمّق وعندها يمكن أن نوضح الرؤية أكثر فأكثر، لكن على العموم الخطاب متفائل وحمل تصريحاً جيدا". وكان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، في وقت سابق اليوم، أقرّ بـ"المعاناة" التي تسبّب بها الاستعمار الفرنسي للشعب الجزائري، على مدى 132 عاماً، لكنه لم يعتذر للجزائريين عن فترة الاستعمار. وقال هولاند في خطاب أمام مجلس النواب الجزائري، نقلته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، إنه "لمدة 132 سنة خضعت الجزائر لنظام جائر وعنيف ومدّمر. لا شيء يمكن أن يبرّر الاعتداءات المرتكبة في حق الشعب الجزائري وإنكار هويته وتطلعه للعيش بحرية". وأضاف "أعترف من هذا المقام بالمعاناة التي سلّطها النظام الإستعماري الفرنسي على الشعب الجزائري. ومن ضمن هذه المعاناة مجازر سطيف وقالمة وخراطة التي تبقى راسخة في ذاكرة ووعي الجزائريين". وقال الرئيس الفرنسي "ينبغي قول كل الحقيقة" حول الاستعمار، وأضاف أن "الصداقة بين الجزائر وفرنسا يجب أن ترتكز على قاعدة وهذه القاعدة هي الحقيقة". وأضاف "يجب قول الحقيقة حتى ولو كانت مؤلمة، ويجب قولها لشبابنا الذين يريدون بناء المستقبل". وتابع "لكي تستمر الصداقة (الجزائرية - الفرنسية) يجب أن تقوم على الحقيقة، والحقيقية واجبة علينا إزاء جميع الذين تضرّروا بتاريخهم المؤلم ويريدون فتح صفحة جديدة". وأضاف قائلا "لا شيء يبنى بالاختفاء وراء النسيان والإنكار، فالحقيقة لا تضرّ بل تصلح، كما أنها لا تفرق بل تجمع". لكن هولاند لم يقدّم اعتذاراً على فترة الاستعمار للجزائر، وفقاً لما يطالب به الجزائريون. وقد وصف وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي اليوم، زيارة هولاند بالناجحة، معتبراً أن البلدين في طريقهما "نحو مستقبل أفضل". يذكر أن هولاند بدأ زيارة دولة الى الجزائر أمس الأربعاء، توجت في يومها الأول بالتوقيع على 7 اتفاقيات تعاون شملت الدبلوماسية والصناعة والزراعة والدفاع والتعاون المالي والحماية والأمن المدني، فضلاً عن توقيع اتفاقية إنشاء مصنع السيارات "رينو- الجزائر" بتكلفة تقدر بـ1 مليار يورو، على أن يبدأ إنتاج 25 ألف سيارة العام 2014 لترتفع إلى 75 ألف سيارة سنوياً على المدى المتوسط. كما وقع الرئيسان الجزائري عبد العزيز بوتفليقة والفرنسي فرانسوا هولاند، على "إعلان الجزائر" حول الصداقة والتعاون بين البلدين ينص على إعطاء "دفع جديد" للعلاقات بين البلدين في المجالات الاقتصادية والبعد البشري المتعلّق بتنقّل الأشخاص ووضعية الجالية الجزائرية المقيمة بفرنسا والتربية والتشاور السياسي.